الإثنين، 03 نوفمبر 2025

07:59 م

الفرعون الذهبي "توت عنخ آمون" يحرك ترس اقتصاد السياحة المصري

الإثنين، 03 نوفمبر 2025 12:01 م

الفرعون الذهبي توت عنخ آمون

الفرعون الذهبي توت عنخ آمون

لا يمثل افتتاح المتحف المصري الكبير في الذكرى الـ103 لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون حدثًا أثريًا فقط، بل نقطة تحول في الاقتصاد السياحي والثقافي لمصر، فالمتحف الذي تبلغ مساحته الإجمالية نحو 500 ألف متر مربع، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من مختلف العصور المصرية، يعد أكبر متحف أثري في العالم، بتكلفة إجمالية تجاوزت 1.3 مليار دولار.

وينتظر أن يحقق المتحف عوائد ضخمة لمصر من خلال زيادة أعداد الزوار الدوليين الذين يقدر أن يصل عددهم إلى 5 ملايين زائر سنويًا، مقارنة بـ2.8 مليون زائر فقط للمتحف المصري القديم بالتحرير في سنوات الذروة قبل جائحة كورونا. 

ووفقًا لتقديرات وزارة السياحة والآثار، فإن كل مليون سائح إضافي يضيف للاقتصاد المصري نحو 1.5 مليار دولار من الإيرادات المباشرة وغير المباشرة، ما يعني أن المتحف يمكن أن يسهم وحده في زيادة الناتج المحلي بما يتجاوز 7 مليارات دولار سنويًا على المدى المتوسط.

الاستثمار الثقافي كرافعة للنمو

الانتقال الرمزي لتوت عنخ آمون من التحرير إلى الجيزة لا يعكس مجرد تغيير في المكان، بل تحولًا في نمط استثمار مصر في تراثها الثقافي، فالمتحف الجديد يقع على بعد دقائق من الأهرامات، ما يخلق ما يمكن تسميته بـ"المثلث الذهبي للسياحة الثقافية"، ويحول المنطقة إلى مركز جذب متكامل يجمع بين التاريخ الفرعوني العريق والبنية التحتية السياحية الحديثة.

تراهن الحكومة المصرية على المتحف الكبير كمحرك رئيسي لخطة رفع إيرادات السياحة إلى 30 مليار دولار سنويًا بحلول 2030، مع استهداف مضاعفة متوسط إنفاق السائح من 90 دولارًا يوميًا إلى أكثر من 160 دولارًا من خلال الدمج بين السياحة الثقافية والترفيهية، إلى جانب ذلك، فإن المشروع خلق آلاف فرص العمل، حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف وظيفة مباشرة وغير مباشرة نتجت عن إنشاء وتشغيل المتحف، فضلًا عن تنشيط قطاعات مساندة مثل الضيافة والنقل والمطاعم والخدمات الفندقية.

قناع توت عنخ آمون

القوة الناعمة المصرية واستدامة العائد

إعادة عرض المجموعة الكاملة لتوت عنخ آمون البالغ عددها 5500 قطعة أثرية، في قاعتين على مساحة 7500 متر مربع، ليست مجرد إنجاز علمي أو فني، بل عنصر أساسي في استراتيجية مصر لتعزيز مكانتها على خريطة القوة الناعمة العالمية.

فالمتحف الكبير، الذي جرى تصميمه ليتكامل مع رؤية مصر 2030، يسعى لأن يكون مركزًا إقليميًا للتعليم الثقافي والبحث العلمي، مع توقيع شراكات مع مؤسسات مثل اليونسكو والجامعات اليابانية، ما يضع القاهرة في موقع الصدارة في مجالات السياحة التعليمية والتراث الرقمي. هذا التوجه يعزز من قدرة مصر على جذب استثمارات ثقافية دولية في مجالات العرض المتحفي والتكنولوجيا التفاعلية، وهو ما بدأت ملامحه بالفعل مع الاستثمارات اليابانية والأوروبية التي ساهمت في تمويل المشروع وتدريب الكوادر.

 

اقرأ أيضًا:

العالم يصفق لمصر، ماذا قالت الصحف الأجنبية عن افتتاح المتحف الكبير؟

هل فقد متحف التحرير بريقه؟.. ذاكرة مصر التي لا تمحى

بعد افتتاح المتحف المصري الكبير، لا زال «متحف التحرير» في قلب القاهرة علامة خالدة في الذاكرة الأثرية والوجدانية للمصريين، فمنذ افتتاحه عام 1902 في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، رسخ المتحف مكانته كأقدم متحف أثري في الشرق الأوسط وأول مبنى شيد خصيصًا ليكون متحفًا. 

وعلى الرغم من انتقال كنوز «توت عنخ آمون» والمومياوات الملكية إلى متاحف أخرى، يؤكد خبراء الآثار أن المتحف لم يفقد بريقه، لأنه بيت المصريات في العالم ومدرسة خالدة تعلم منها العالم علم الحضارة المصرية، وأن مبناه في حد ذاته أثر مرتبط بذاكرة الناس وموقعه يجعل منه الأقرب إلى قلب المواطن والسائح على السواء.

متحف التحرير

تطوير بروح الفن المصري القديم

لم يكن نقل المقتنيات نهاية الدور التاريخي للمتحف، بل بداية فصل جديد من التجديد والتطوير، فالمشروع الجاري بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وخمس متاحف عالمية يهدف إلى إعادة صياغة العرض المتحفي ليحكي قصة الفن المصري القديم بأسلوب حديث يجمع بين الدقة العلمية والجمال البصري. 

وتشمل أعمال التطوير تحديث الإضاءة والزجاج والأرضيات وإعادة طلاء القاعات بألوانها الأصلية، بتكلفة تجاوزت 23 مليون جنيه مصري، كما سيُعاد توظيف المتحف ليعرض روائع الفن المصري من التماثيل والمنحوتات والمجموعات النادرة، ليبقى متحف التحرير منارة ثقافية وروحًا متجددة للحضارة المصرية في قلب العاصمة.

اقرأ أيضًا:

نفرتيتي تؤجل حضورها إلى المتحف المصري الكبير (فيديو)

من الأثر إلى الاقتصاد.. نموذج للتنمية المستدامة

قصة الفرعون الذهبي التي أبهرت العالم منذ اكتشافها عام 1922 تعود اليوم لتلعب دورًا جديدًا، ليس في التاريخ فحسب، بل في اقتصاد المستقبل المصري، فبينما يسعى الاقتصاد المصري إلى تنويع مصادر دخله بعيدًا عن القطاعات التقليدية، يمثل المتحف الكبير نموذجًا لـ"الاقتصاد الثقافي المستدام"، حيث يجتمع التراث والعلم والسياحة في منظومة واحدة تحقق عائدًا اقتصاديًا طويل الأجل وتحافظ في الوقت ذاته على الهوية الوطنية.

نجاح هذا المشروع لن يقاس فقط بعدد الزوار أو الإيرادات، بل بقدرته على تحويل الثقافة إلى مورد اقتصادي متجدد، وعلى إعادة تموضع مصر كعاصمة للتراث الإنساني العالمي، تمامًا كما كان الملك الشاب توت عنخ آمون رمزًا للخلود قبل 3300 عام.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search