التنين يهدأ والعم سام يتربص، العالم يدخل مرحلة الحرب الباردة بعد إعلان الهدنة التجارية

الخميس، 30 أكتوبر 2025 12:24 م

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و نظيره الصيني شي جين بينج

أحمد كامل

في خطو وصفها مراقبون بأنها بداية للحرب الباردة، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و نظيره الصيني شي جين بينج وقف النزاع التجاري بينهما بشأن إمدادات المعادن النادرة و شراء فول الصويا الأمريكي والرسوم التجارية وذلك في لقاء جمعمها على أرض محايدة (كوريا الجنوبية).

وقال دونالد ترامب في تصريحات للصحفيين، إن الزعيم الصيني وافق على العمل "بجد" لمنع إنتاج الفنتانيل الأفيوني الصناعي - المسؤول عن العديد من وفيات الأمريكيين - وفي المقابل، ستخفض الولايات المتحدة الرسوم الجمركية المرتبطة بالفنتانيل من 20% إلى 10%، مما يخفض العبء الجمركي الإجمالي من 57% إلى 47%.

كما قال ترامب إنه سيزور الصين في أبريل، وأن شي سيزور الولايات المتحدة بعد ذلك بوقت، في حين صرح شي عقب الاجتماع بأنه وترامب توصلا إلى "توافق" في الآراء بشأن القضايا التجارية، وفقًا لما ذكرته وسائل الإعلام الرسمية الصينية.

وأضاف شي أنه يتعين على الجانبين "استكمال أعمال المتابعة في أقرب وقت ممكن، والحفاظ على التوافق وتطبيقه، وتقديم نتائج ملموسة تُطمئن الرأي العام بشأن اقتصادات الصين والولايات المتحدة والعالم".

وقبل دقائق من لقاء شي، قال ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إنه أمر البنتاغون ببدء تجارب الأسلحة النووية على قدم المساواة مع الصين وروسيا، كما أنه لم يرد على سؤال أحد الصحفيين حول هذا القرار عندما بدأ هو وشي قمتهما.

سنعقد اجتماعًا ناجحًا للغاية

قبل الاجتماع في قاعدة جيمهاي الجوية في بوسان، كوريا الجنوبية ( وهو أول لقاء مباشر بينهما منذ ست سنوات( - تصافح ترامب وشي أمام علمي بلديهما، وقال الرئيس الأمريكي: "سنعقد اجتماعًا ناجحًا للغاية". وأضاف: "إنه مفاوض صعب المراس وهذا ليس جيدًا"، قبل أن يربت على ظهر الزعيم الصيني. كان ترامب قد أشار قبل الاجتماع إلى أنه قد يستمر من 3 إلى 4ساعات، لكنهما افترقا عد ساعة وأربعين دقيقة.

وقال شي إنه ينبغي على الصين والولايات المتحدة "المضي قدمًا في المسار الصحيح" و"أن تكونا شريكتين وصديقتين" و"العمل معًا لتحقيق المزيد من الإنجازات العظيمة والملموسة لما فيه خير بلدينا والعالم أجمع".

وكان التفاؤل في بوسان متناقضًا تمامًا مع تبادل الخطابات العدائية الأخيرة بشأن التجارة، والتي هددت بوضع الولايات المتحدة والصين في مسار تصادم اقتصادي، مع عواقب وخيمة محتملة على الصعيد العالمي تمثلت في أزمة الرقائق المعادن النادرة والرسوم التجارية.

**مركز لتجميع المعادن النادرة في الصين**

حرب باردة

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي وخبير أسواق المال الدكتور وائل النحاس إن العالم يشهد حاليًا "حربًا باردة" جديدة بين أمريكا والصين، وتلك الحرب لا تتعلق بالرسوم الجمركية أو المعادن بقدر ما تتعلق بحالة من التحوط المتبادل والتخوف بين البلدين، مشيرًا إلى أن اللقاء الأخير ما هو إلا هدنة مؤقتة لما هو قادم.

وأوضح النحاس في تصريح لـ"إيجي إن" أن الولايات المتحدة، في الآونة الأخيرة، وبخاصة خلال فترة الرئيس السابق دونالد ترامب، قامت بخطوات اقتصادية مفاجئة أعادت رسم خريطة التحالفات العالمية، وتقاطعت مع مصالح الصين في تكتلات مثل البريكس، في محاولة لإعادة تموضعها في مناطق كانت خاضعة للنفوذ الصيني.

وأشار إلى أن واشنطن تسعى لسحب البساط من تحت بكين، متوقعًا أن العام الجاري سيشهد استمرار التصعيد الأمريكي، رغم أنه لن يصل إلى مواجهة مباشرة. وأضاف أن مشروع "طريق الحرير" الصيني يبدو أنه لن يكتمل، وهو ما يتجلى — بحسب قوله — في الزيارات السعودية والقطرية الأخيرة إلى الولايات المتحدة، والتي تعكس إعادة تموضع استراتيجي في المنطقة بعيداً عن المحور الصيني.

وشدد النحاس على أن ما يبدو كـ"هدنة" على السطح، يخفي في جوهره صراعًا اقتصاديًا وجيوسياسيًا، تسعى من خلاله واشنطن إلى وقف التمدد الصيني وقطع خطوط التواصل بين موسكو وبكين، قائلاً إن "الهدنة في ظاهرها سلام، لكنها في باطنها حرب تهدف إلى كبح التنين الصيني.