هل يستطيع الذكاء الاصطناعي كتابة رواية بروح نجيب محفوظ؟

الأربعاء، 29 أكتوبر 2025 01:30 ص

الذكاء الاصطناعي

محمد السيد

تتغذى خوارزمية ذكية على أعمال نجيب محفوظ الخالدة، من “الثلاثية” إلى “أولاد حارتنا”، لتولد نصوصًا جديدة تحمل نفس النَفَس المصري العميق والروح الفلسفية التي ميزت أدبه، تبدو الفكرة في ظاهرها مدهشة، والتكنولوجيا تعيد إحياء محفوظ ليكتب عن حاضرنا، لكن خلف هذا الإبهار تكمُن تساؤلات أخلاقية عميقة، هل يجوز أن تتحدث آلة بصوت محفوظ؟ وهل يمكن حقًا لذكاء اصطناعي أن يكتب بإحساس إنساني نابع من تجربة معيشة؟

تقليد أسلوب أدبي لكُتاب عالميين بدرجة تفوق محاولات بشرية

تشير دراسة حديثة من جامعة ستوني بروك بالتعاون مع كلية القانون بجامعة كولومبيا إلى أن النماذج المتقدمة مثل GPT 4o وClaude 3.5 Sonnet وGemini 1.5 Pro أصبحت قادرة على تقليد أسلوب أدبي لكُتاب عالميين بدرجة تفوق محاولات بشرية في بعض الحالات، وقد طلب الباحثون من هذه النماذج إنتاج نصوص بأسلوب خمسين مؤلفًا، منهم سلمان رشدي وهاروكي موراكامي وجابرييل جارسيا ماركيز، وقارنوا النتيجة بأعمال كتبها مؤلفون محترفون، المفاجأة أن القراء والخبراء فضّلوا النصوص المنتجة بالذكاء الاصطناعي ثماني مرات أكثر من النصوص البشرية من حيث الأسلوب، وضعفَيْن من حيث جودة الكتابة.

حقوق الملكية الفكرية والهوية الأدبية

كما أظهرت الدراسة أن أنظمة كشف النصوص الآلية فشلت تقريبًا في تمييز هذه الكتابات، إذ لم تتعرف إلا على 3٪ فقط منها على أنها توليد آلي، وهو ما يثير قلقًا كبيرًا حول حقوق الملكية الفكرية والهوية الأدبية، وحين يمكن لخوارزمية أن تكتب بأسلوب محفوظ أو ماركيز، من يملك هذا النص؟ الكاتب الأصلي الذي استُخدمت أعماله في التدريب؟ أم الشركة التي تملك النموذج؟ أم المستخدم الذي أنشأ النص؟

ذاكرة التراث وذكاء المستقبل

وصعود الأدب الاصطناعي يفتح أفقًا جديدًا للخيال الإنساني، وقد لا يشعر الذكاء الاصطناعي بما شعر به محفوظ وهو يصف القاهرة القديمة أو يصغي إلى ناسها، لكنه قد يُعيدنا إليه بشكل آخر، محفوظ رقمي يتحدث بلغتنا الحديثة، يجمع بين ذاكرة التراث وذكاء المستقبل، وربما تكون أعظم قيمة لهذه الثورة ليست في “استنساخ محفوظ”، بل في اكتشاف محفوظ جديد يولد من تفاعل الإنسان مع الآلة، بين الإبداع والعقل الاصطناعي.