«لوجستيات التجارة» شريان النمو الاقتصادي ومحرك تنافسية الدول، تفاصيل

الجمعة، 17 أكتوبر 2025 01:43 م

لوجستيات التجارة - تعبيرية

تشكل لوجستيات التجارة اليوم أحد أهم عناصر دعم النمو الاقتصادي وتحسين تنافسية الدول وتمثل المنظومة التي تنقل السلع من المنتج إلى المستهلك وتشمل جميع مراحل النقل والتخزين والتخليص الجمركي والتمويل وإدارة سلاسل الإمداد، وينظر إلى هذا القطاع باعتباره الشريان الحيوي لأي اقتصاد نظرًا لدوره المباشر في خفض تكاليف الإنتاج وزيادة كفاءة التجارة وجذب الاستثمارات الأجنبية.

ومع اتساع حركة التجارة الدولية وتزايد الاعتماد على سلاسل الإنتاج العابرة للحدود، أصبحت الخدمات اللوجستية الفعالة ضرورة أساسية لأي دولة تسعى للاندماج في الاقتصاد العالمي، فكلما تطورت البنية التحتية للنقل والموانئ والمخازن وتبسطت الإجراءات الجمركية ارتفعت قدرة الدولة على المنافسة وتوسعت فرصها في التجارة والاستثمار.

الكفاءة اللوجستية ترفع معدلات النمو الاقتصادي

وفي هذا السياق، تشير البيانات الدولية إلى أن حجم الإنفاق العالمي على الخدمات اللوجستية ارتفع بشكل كبير خلال العقدين الماضيين ليتجاوز 800 مليار دولار في عام 2015، وتشكل هذه التكاليف ما بين 15 و20% من قيمة السلع المصنعة عالميًا ما يبرز حجم الأثر الذي تتركه الكفاءة اللوجستية على أسعار السلع والنمو الاقتصادي.

كما تؤكد تقارير البنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي أن خفض تكاليف النقل والتخليص يمكن أن يرفع معدل النمو الاقتصادي بنسبة 5% ويزيد حجم التجارة العالمية بنحو 15%.

تطوير منظومة النقل والتخليص الجمركي

ورغم هذا، ما زالت غالبية دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعاني من ارتفاع تكاليف النقل وضعف كفاءة سلاسل الإمداد ولم تدخل سوى 3 دول فقط الإمارات وقطر وعمان ضمن قائمة أفضل 50 دولة عالميًا في مؤشر الأداء اللوجستي لعام 2018.

وفي السياق نفسه، تسعى العديد من الدراسات الاقتصادية إلى فهم العلاقة بين تحسين الخدمات اللوجستية وتحقيق النمو الاقتصادي في المنطقة، وتشير التقديرات إلى أن تطوير منظومة النقل والتخليص الجمركي وتبسيط الإجراءات يمكن أن يسهم في زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي وتعزيز فرص العمل إلى جانب تحسين تنافسية الصادرات المحلية.

ما معني لوجستيات التجارة؟

لوجستيات التجارة هي ىسلسلة الأنشطة التي تضمن انتقال السلع والخدمات والمعلومات المرتبطة بها من نقطة الإنتاج إلى المستهلك النهائي بأعلى كفاءة ممكنة.

وتشمل هذه الأنشطة النقل البري والبحري والجوي، والتخزين، والتأمين، والتعبئة، والتوزيع، إضافة إلى الأنظمة الرقمية التي تسهل تتبع حركة البضائع وإتمام المعاملات المالية.

أهداف لوجستيات التجارة وأثرها في الاقتصاد

تتمثل أهم أهداف لوجستيات التجارة في تسليم المنتج المناسب في الوقت المناسب وبأقل تكلفة ممكنة، كما تسعى إلى تقليص زمن التخليص الجمركي، وخفض تكاليف النقل والتأمين، وتقليل فاقد المخزون وهو ما يؤدي في النهاية إلى رفع جودة الخدمة وتحسين تجربة المستهلك.

وتؤدي هذه التحسينات إلى زيادة القيمة المضافة في الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة في قطاعات النقل والتوزيع والخدمات المساندة.

لوجستيات التجارة وارتباطها بتسهيلات التجارة

ترتبط لوجستيات التجارة ارتباطًا وثيقًا بما يعرف بـ«تسهيلات التجارة»، وهي الإجراءات والسياسات التي تهدف إلى تسهيل حركة السلع عبر الحدود، مثل تبسيط المستندات الجمركية وتحسين الموانئ واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتبادل المعلومات.

وقد أكدت منظمة التجارة العالمية في إعلانها الوزاري عام 2013 أن تبسيط هذه الإجراءات يسهم في رفع كفاءة الأداء اللوجستي وتسريع حركة التجارة الأمر الذي ينعكس على معدلات النمو الاقتصادي بشكل مباشر.

مؤشر الأداء اللوجستي

يقيس مؤشر الأداء اللوجستي (LPI) الصادر عن البنك الدولي جودة وكفاءة المنظومة اللوجستية في كل دولة من خلال ستة معايير أساسية تشمل كفاءة الجمارك، وجودة البنية التحتية، وكفاءة مقدمي الخدمات، وسهولة ترتيب الشحنات، وتتبعها، والالتزام بالمواعيد المحددة للتسليم.

وتشير التقديرات إلى أن كل تحسن في هذا المؤشر ينعكس إيجابًا على جذب الاستثمارات الأجنبية، وزيادة الصادرات، وخفض التكاليف التشغيلية للمؤسسات.

ضرورة تطوير منظومة لوجستيات التجارة

وأخيرًا، توضح التجارب الدولية أن تطوير منظومة لوجستيات التجارة لم يعد خيارًا بل ضرورة لأي دولة ترغب في تعزيز تنافسيتها وزيادة قدرتها على النمو.

فكل استثمار في تحسين البنية التحتية للنقل، أو تسريع التخليص الجمركي، أو دعم التحول الرقمي في الخدمات اللوجستية هو في الحقيقة استثمار في النمو الاقتصادي المستدام.

ومع تصاعد التوجه نحو التكامل الإقليمي والتجارة العابرة للحدود، تبدو لوجستيات التجارة مفتاحًا رئيسيًا لمستقبل اقتصادي أكثر كفاءة وانفتاحًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.