بعد رفع أسعار الوقود، القطاع الصناعي يواجه موجة جديدة من التحديات والمستهلك أول المتأثرين
الجمعة، 17 أكتوبر 2025 11:45 ص

رفع أسعار الوقود
جاء قرار لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، برفع أسعار البنزين والسولار في أكتوبر 2025 بواقع 2 جنيه لكل لتر، ليضع القطاع الصناعي في مصر أمام تحدٍ جديد يضاف إلى سلسلة الضغوط التي يشهدها منذ سنوات.
ومع ارتفاع سعر السولار إلى 17.50 جنيهًا للتر، والسولار هو المحرك الأساسي لمعظم عمليات النقل والتشغيل داخل المصانع، يواجه المصنعون زيادة مباشرة في تكاليف الإنتاج، بما ينعكس سريعًا على أسعار السلع في الأسواق، وربما على تنافسية المنتج المصري في الداخل والخارج.
هذا القرار، الذي وصفه وزير البترول بـ"الزيادة الأخيرة خلال عام 2025"، جاء في ظل ظروف اقتصادية معقدة، محليًا وعالميًا، تشمل تذبذب أسعار النفط عالميًا، وضغوط على العملة المحلية، وتحديات تتعلق بتأمين سلاسل التوريد.
وتزداد خطورة تأثير هذه الزيادة في ظل توجه الحكومة إلى تثبيت الأسعار لمدة عام، ما يعني أن أي خسائر يتحملها القطاع الصناعي الآن قد لا تجد متنفسًا سريعًا للتعافي.

تكلفة النقل تتصدر قائمة المتأثرين
لا يخفى على أحد أن النقل يمثل شريانًا رئيسيًا في عملية الإنتاج الصناعي، سواء في نقل المواد الخام إلى المصانع أو في توزيع المنتجات النهائية إلى الأسواق، ومع رفع سعر السولار، ترتفع تلقائيًا تكلفة تشغيل الشاحنات ووسائل النقل، خاصة في القطاعات التي تعتمد على النقل الثقيل أو تغطي مساحات جغرافية واسعة.
ما يضاعف من حجم التأثير أن أغلب المصانع تعمل بنظام "Just in time"، أي أنها تعتمد على تدفقات يومية للمواد الخام، ولا تملك مخزونًا كبيرًا يسمح بامتصاص تغيرات مفاجئة في أسعار النقل.
وبالتالي، فإن زيادة الوقود تعني ببساطة زيادة فورية في تكلفة كل طن مواد خام يصل إلى المصنع، وكل شحنة تخرج منه، هذه الحلقة المغلقة تجعل من النقل حلقة ضغط رئيسية على تكلفة المنتج، وهو ما سينعكس في النهاية على سعر البيع للمستهلك.
اقرأ أيضًا:
السويدي إليكتريك تكشف لـ«إيجي إن» تأثير زيادة أسعار الوقود على منتجاتهم
زيادة الوقود وتكاليف التشغيل في المصانع
إلى جانب النقل، فإن العديد من المصانع المصرية خاصة في القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة تعتمد على السولار أو الغاز الطبيعي كمصدر رئيسي للتشغيل.
مصانع الأسمنت، والحديد والصلب، والسيراميك، والكيماويات، والأغذية المجمدة، تعتمد بنسب متفاوتة على الطاقة في كل مرحلة من مراحل التصنيع، من التشغيل الآلي إلى التبريد والتغليف، واعتماد تلك المصانع على السولار في تشغيل المولدات أو الآلات ستكبدها زيادات مباشرة في تكاليف التشغيل.
كما أن المصانع التي تعتمد على مصادر طاقة مختلطة (غاز + سولار) ستتأثر بشكل غير مباشر، سواء من ناحية التشغيل أو النقل، والنتيجة النهائية واحدة: تكلفة إنتاج أعلى وهوامش ربح أقل.
في هذا السياق، من المتوقع أن تلجأ بعض المصانع إلى تقليص فترات التشغيل أو تخفيض حجم الإنتاج للسيطرة على التكاليف، خاصةً إذا كانت تعمل في قطاعات تنافسية لا تسمح بزيادة الأسعار بسهولة.
أما المصانع التي تملك مرونة أكبر، فقد تمرر جزءًا من هذه التكلفة للمستهلك النهائي، وهو ما يفتح الباب أمام موجة تضخمية جديدة.

أثر مباشر على أسعار المنتجات النهائية
من الناحية الاقتصادية، فإن أي زيادة في تكاليف الإنتاج إذا لم تستوعبها المنشأة الصناعية ضمن هامش الربح سيتم تحميلها على سعر البيع النهائي.
وفي الحالة المصرية، فإن السوق حاليًا في حالة ترقب دائم لأي تغير في الأسعار، لا سيما مع تزايد الضغوط على المستهلكين، واستمرار تآكل القدرة الشرائية للجنيه المصري.
تشير التقديرات الأولية إلى أن تأثير الزيادة الجديدة في أسعار الوقود قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات الصناعية بنسبة تتراوح بين 3% إلى 10% خلال الربع الأخير من عام 2025، بحسب نوع الصناعة ودرجة اعتمادها على الوقود في مراحل الإنتاج والتوزيع.
هذا التأثير سيظهر بشكل أوضح في المنتجات سريعة الدوران مثل الأغذية والمشروبات، ومنتجات التعبئة والتغليف، والمواد الاستهلاكية اليومية.
أما الصناعات التصديرية، فقد تواجه صعوبات أكبر، إذ أن أي زيادة في التكلفة تضعف من قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية، خاصة في ظل استمرار تحديات الشحن البحري واللوجستيات العالمية.
وبذلك، فإن زيادة أسعار الوقود المحلية لا تمثل ضغطًا داخليًا فقط، بل قد تؤثر على الصادرات ومعدل نمو القطاع الصناعي ككل.
اقرأ أيضًا:
شعبة المخابز لـ«إيجي إن»، 15% زيادة متوقعة على العيش السياحي وننتظر رفع السعر أو تقليل الوزن

ماذا بعد؟ الصناعة تبحث عن بدائل
رغم الضغوط، فإن هناك من يرى في هذه الأزمة فرصة لإعادة التفكير في نماذج الإنتاج والتشغيل، فزيادة أسعار الوقود قد تدفع بعض المصانع إلى تسريع خطط التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، أو على الأقل تحسين كفاءة الطاقة داخل المنشآت.
كما أن بعض الشركات بدأت بالفعل في دراسة حلول لوجستية أكثر كفاءة، مثل الدمج بين النقل البري والسكك الحديدية، أو إنشاء مخازن قريبة من نقاط البيع لتقليل تكاليف التوزيع.
من جانب آخر، قد تعيد الأزمة فتح النقاش حول ضرورة وجود سياسة دعم طاقي موجهة للصناعة، لا على شكل دعم مباشر للأسعار، ولكن عبر حوافز ضريبية أو تسهيلات في تمويل التحول إلى الطاقة النظيفة، أو برامج لتعويض الصناعات المتضررة من ارتفاع أسعار الوقود.

التحدي مستمر.. والاستقرار يتطلب توازنًا دقيقًا
رفع أسعار الوقود في أكتوبر 2025 هو الأخير لهذا العام، كما أكد وزير البترول، لكنه بالتأكيد لن يكون الأخير في سلسلة التحديات التي تواجه القطاع الصناعي في مصر.
فبين ضغوط تكاليف الإنتاج، وتذبذب الطلب المحلي، ومتغيرات السوق العالمي، تقف الصناعة المصرية أمام معادلة صعبة: كيف تحافظ على القدرة التنافسية دون تحميل المواطن أعباء إضافية، وكيف تستمر في الإنتاج دون التآكل التدريجي لهوامش الربح؟
المعادلة لن تحل في يوم وليلة، لكنها تتطلب حوارًا جادًا بين الحكومة والقطاع الصناعي، وتدخلات ذكية لدعم التحول نحو كفاءة الطاقة، وتبني استراتيجيات إنتاج مرنة، تضمن استمرار عجلة الصناعة دون تعطل، وتبقي على المنتجات المصرية حاضرة في السوق، رغم ارتفاع الوقود وصعوبة الظرف الاقتصادي.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
مليارات الخليج تنعش الساحل الشمالي، مصر على موعد مع طفرة استثمارية
18 أكتوبر 2025 10:24 ص
مكاسب تاريخية للذهب تصل لـ60% تثير قلق الاقتصاديين من جمود الأموال
15 أكتوبر 2025 03:54 م
الأسهم تتصدر والعقارات تتراجع، التحولات الجديدة للثروة العالمية في 2024
15 أكتوبر 2025 03:01 م
أكثر الكلمات انتشاراً