مايكروسوفت تهرب من التنين الصيني، وصناعة التكنولوجيا تدخل مرحلة جديدة
الخميس، 16 أكتوبر 2025 05:00 م

مايكروسوفت تهرب من التنين الصيني
ميرنا البكري
يبدو أن العالم مقبل على مرحلة جديدة من إعادة رسم الخريطة الصناعية، خاصةً في قطاع التكنولوجيا، فأعلنت شركة“ مايكروسوفت” تصنيع أغلب منتجاتها الجديدة خارج الصين بداية من عام 2026، وهذه إشارة واضحة على تحول استراتيجي يجمع بين الاقتصاد والجغرافيا والسياسة.
جاء القرار وسط تصاعد التوتر التجاري بين واشنطن وبكين، ومع سعي الشركات الأمريكية لإبعاد نفسها عن أي تهديد محتمل لسلاسل التوريد التي أصبحت رهينة السياسة أكثر من المصنع.
بداية فك الارتباط، من التجميع إلى المكونات
لا تتحدث مايكروسوفت عن " نقل مصنع" فحسب، بل تعيد بناء سلسلة إنتاج كاملة بدءًا من المكون حتى التجميع، كما أن الشركة طلبت من مورديها الاستعداد لتصنيع أجهزة "سيرفس" وخوادم مراكز البيانات خارج الصين، بما يشمل المكونات الأساسية، وعمليات التجميع، وحتى المواد الدقيقة مثل الألياف والموصلات.
مما يعني أن الشركة تقوم بتحول جذري في نموذج إنتاجها، وهي خطوة كبيرة للغاية على مستوى التكلفة، واللوجستيات، وسرعة التوريد.
صناعة الخوادم والذكاء الاصطناعي، قلب المعركة
التحرك ليس في أجهزة سيرفس فقط، لكنه أيضًا في أهم منتج استراتيجي لدى مايكروسوفت وأمازون وجوجل، "خوادم الذكاء الاصطناعي".
تعتبر الولايات المتحدة أن هذه الخوادم أصبحت عصب الأمن القومي التكنولوجي، ولا تريد أن يكون للصين تبعية بها، لذلك نقلت “مايكروسوفت” بالفعل جزء كبير من إنتاجها، وطلبت أن 80% على الأقل من مكونات الخوادم تأتي من خارج الصين وذلك بحسب شركات الأبحاث المختصة في قطاعا التكنولوجيا.
أما "أمازون ويب سيرفيسز"، فاتبعت نفس السياسة وتسعى لإعادة هيكلة سلاسل الإمداد بعيدًا عن الموردين الصينيين حتى إذا كان لديهم مصانع خارج الصين.
تايلاند وفيتنام، البديل الآسيوي الجديد
هذا التحول ليس متجهًا للولايات المتحدة، بل جزء كبير من الإنتاج يتحول لبلاد مثل تايلاند وفيتنام، الذين أصبحوا الملاذ الجديد لشركات التكنولوجيا الكبرى، فمثلًا طلبت جوجل من الموردين مضاعفة قدرتهم الإنتاجية في تايلاند، وأنشأت 4 منشآت جديدة بالكامل، لدرجة أن البلد أصبحت بها نظام بيئي متكامل لبناء الخوادم من المكونات للتجميع.
هذه الشركات تبني سلسلة توريد موازية خارج الصين، هدفها حماية نفسها من أي اضطراب سياسي أو جمركي في المستقبل.
تحديات التحول، بين الكفاءة والتكلفة
هناك مشكلة واضحة رغم الطموح الكبير، فتُعد الصين قلب صناعة المكونات الإلكترونية في العالم، كما أوضح مسئول تنفيذي في إحدى الشركات التي تزود مايكروسوفت بمكونات، أن نقل التجميع سهل لكن نقل المكونات هو الجزء الأصعب.
فالمنتجات التي بها آلاف الأجزاء الصغيرة كالمقاومات والدوائر المطبوعة يصعب فصلها عن الصين اقتصاديًا، لأن أسعارها هناك رخيصة للغاية وجودتها عالية بمعنى آخر، قد تبعد الشركات مصانعها عن الصين، لكنها ستحتاج المكونات الصينية على الأقل في المدى القريب.

صراع المعادن النادرة والرسوم الجمركية
في نفس الوقت، تدور معركة أكبر بين واشنطن وبكين حول المعادن النادرة، التي تدخل في الصناعات الهامة من الشرائح الإلكترونية لبطاريات السيارات، ففرضت الصين قيود على تصدير بعض المواد الحيوية، وردت أمريكا بتهديد برسوم 100% على المنتجات الصينية.
مما جعل الشركات تبدأ تعمل سريعًا لتأمين بدائلها، لأن أي قرار سياسي بسيط قد يوقف الإنتاج بالكامل، وهذا خطر لا يُحتمل في سوق تنافسي كالتكنولوجيا.
السياق الأوسع، سباق تقني وجيوسياسي
خطوة "مايكروسوفت" ليست معزولة، لكنها جزء من تحول عالمي أوسع يشمل كل الشركات الكبرى كـ "ديل"، "إتش بي"، "إنفيديا"، وحتى شركات الشرائح الإلكترونية اليابانية.
يحاول الجميع أن يقلل الاعتماد على الصين وليس بسبب الرسوم فقط، لكن أيضًا تصاعد المخاطر في مضيق تايوان الذي أصبح محور قلق كبير للعالم، أي ما يحدث ليس مجرد تغيير في الجغرافيا الصناعية، لكنه إعادة توزيع للقوة التقنية بين آسيا وأمريكا.
خريطة جديدة للإنتاج العالمي
إذا بالفعل نفذت “مايكروسوفت” خطتها ونجحت في إنتاج منتجاتها بالكامل خارج الصين بحلول 2026، فهذا قد يكون نقطة تحول تاريخية، لكن في المقابل ستكون تكلفة الإنتاج أعلى في البداية، وتحتاج الشركات لسنوات من إعادة الهيكلة قبل أن تصل لنفس الكفاءة التي كانت تتمتع بها داخل الصين.
العالم يعيد ترتيب أوراقه
لا تنسحب “مايكروسوفت” من الصين فحسب، بل تعيد هندسة سلاسل القيمة العالمية، فتحاول الولايات المتحدة تحصين نفسها ضد أي صدمة محتملة، سواء من حروب تجارية أو أزمات جيوسياسية، لكن الصين لازلت تتحكم في ورقة المكونات والمعادن النادرة، مما يجعل أي فصل كامل صعب في الوقت الحالي. يمكن القول أن العالم الصناعي بدأ رسميًا يكتب نهاية عصر "صنع في الصين" وبداية عصر "صنع عبر آسيا".
اقرأ أيضًا:
بنموذج جديد كلياً، مايكروسوفت تدخل سباق إنشاء الصور بالذكاء الاصطناعي
windows 10، مايكروسوفت تمدد الأمان عبر برنامج التحديثات الأمنية الممتدة (ESU)

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
شراكة جديدة بين طلعت مصطفى وقطاع الأعمال في مشروعات سياحية وفنادق تراثية (تفاصيل)
19 أكتوبر 2025 02:17 م
لماذا يفشل الذكاء الاصطناعي في تلبية أوامر المستخدمين؟ "الخبراء يكشفون"
19 أكتوبر 2025 09:15 ص
طفرة عمالية غير مسبوقة، السعودية توفر ربع مليون وظيفة خلال 3 أشهر
18 أكتوبر 2025 11:50 م
أكثر الكلمات انتشاراً