الخميس، 16 أكتوبر 2025

05:47 م

واشنطن وبكين وجهًا لوجه مجددًا، تصعيد تجاري جديد يهز الأسواق العالمية

الخميس، 16 أكتوبر 2025 08:55 ص

واشنطن وبكين وجهًا لوجه مجددًا

واشنطن وبكين وجهًا لوجه مجددًا

تشهد العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين منعطفًا حادًا جديدًا، يُعيد إلى الأذهان سيناريوهات التوتر التجاري التي هزت أسواق العالم في العقد الماضي. 

ومع تبادل التهديدات بين الجانبين، والتلويح برسوم جمركية وإجراءات انتقامية، تدخل الأسواق مرحلة جديدة من عدم اليقين، تثير المخاوف من عودة الحرب التجارية بشكل أكثر ضراوة، في وقت لم يتعافى فيه الاقتصاد العالمي بالكامل من تبعات التضخم وجمود النمو.

ترامب يصعد.. وبكين ترد

بدأت شرارة التصعيد الأخيرة عندما لوح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100 بالمئة على السلع الصينية، مما فاجأ الأسواق وأطلق موجات بيع واسعة في وول ستريت، وسط قلق متزايد من كلفة التصعيد على الاقتصاد العالمي. 

ورغم محاولات ترامب لتهدئة المخاوف بتصريحات على منصة "تروث سوشيال" يؤكد فيها أن كل شيء سيكون على ما يرام، فإن الأسواق لم تأخذ هذه التطمينات على محمل الجد، خصوصًا مع تشبث الصين بموقفها الدفاعي وتأكيدها أنها ليست خائفة من حرب تجارية.

رد بكين جاء مدروسًا لكن حاسمًا، فقد أعلنت وزارة التجارة الصينية عن فرض حظر عالمي على تصدير المعادن النادرة، وهي خطوة استراتيجية تضرب في عمق الصناعات الأمريكية الحساسة، مثل صناعة السيارات الكهربائية، والتكنولوجيا العسكرية، والرقائق المتقدمة.

صراع تجاري الولايات المتحدة والصين

الأسواق تترنح.. والذهب يتألق

تأثرت الأسواق سريعًا بالأخبار، مع ارتفاع ملحوظ في الطلب على الملاذات الآمنة، وعلى رأسها الذهب، الذي قفز إلى مستويات لم يشهدها منذ الأزمة المالية العالمية، كما ارتفعت أسعار سندات الخزانة الأمريكية، ما يشير إلى انتقال سريع لرأس المال من الأصول الخطرة إلى الآمنة.

وفي المقابل، عانت الأسهم في قطاعات التكنولوجيا والتصنيع من تراجعات حادة، مع قلق المستثمرين من تداعيات الرسوم الجمركية المحتملة وعرقلة سلاسل التوريد، فقد شهدت الشركات الأمريكية الكبرى التي تعتمد على المكونات الصينية انخفاضًا في قيمتها السوقية، وسط توقعات بانخفاض الأرباح بنسبة تتراوح بين 15% و20% لبعض القطاعات.

اقرأ أيضًا:

أمريكا تهدد بفرض رسومًا جمركية على إسبانيا بسبب رفضها زيادة الإنفاق العسكري

بين السياسة والاقتصاد.. تضخم وركود محتمل

يرى المحللون أن التوترات التجارية لا تؤثر فقط على الأسواق المالية، بل تمس الاقتصاد الحقيقي بعمق، وتترجم الرسوم الجمركية المرتفعة إلى تكاليف إنتاج أعلى وأسعار نهائية مرتفعة للمستهلكين، ما يزيد من الضغوط التضخمية. 

وفي المقابل، فإن تباطؤ التجارة العالمية الناتج عن هذه الإجراءات يهدد بموجة جديدة من الركود التضخمي  وهي معادلة صعبة تجمع بين ارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو.

وبحسب تقارير اقتصادية، فإن تنفيذ التهديدات الأمريكية الجديدة قد يرفع متوسط الرسوم الجمركية إلى 130%، مما يؤدي إلى تآكل الأجور الحقيقية، وانخفاض الناتج المحلي، وتذبذب حاد في العملات، خاصة عملات الأسواق الناشئة التي ترتبط بقوة بالصين مثل اليوان.

المعادن النادرة

المعادن النادرة.. سلاح استراتيجي

يمثل قرار الصين بتقييد صادرات المعادن الأرضية النادرة أحد أبرز فصول هذا التصعيد، فالصين تهيمن على أكثر من 90% من عمليات معالجة هذه المعادن التي تدخل في صناعة الهواتف الذكية، والبطاريات، والرقائق، والطائرات الحربية. هذه الخطوة ليست مفاجئة، بل تأتي كرد مباشر على القيود الأمريكية المفروضة مؤخرًا على تصدير معدات صناعة الرقائق، وهو ما يظهر اتساع رقعة الحرب التجارية لتشمل التكنولوجيا والمواد الخام الحيوية.

اقرأ أيضًا:

صندوق النقد: امتناع الرد على رسوم ترامب الجمركية يدعم النمو العالمي

الأسواق بانتظار نوفمبر.. والمستهلكون أول الضحايا

تترقب الأسواق بشغف الموعد النهائي في 10 نوفمبر، الذي حدده ترامب لإطلاق رسومه الجمركية الجديدة، في حال لم تظهر بكين مرونة تفاوضية. وحتى ذلك الحين، تتواصل التكهنات حول ما إذا كانت هذه التهديدات جزءًا من تكتيك تفاوضي قاسي، أم بداية فعلية لجولة جديدة من التصعيد.

ويبدو أن المستهلك الأمريكي والصيني معًا سيكونان أول من يدفع ثمن هذه المواجهة، مع توقعات بارتفاع أسعار السلع الإلكترونية، والسيارات، وحتى الفواكه بنسبة تصل إلى 25%، بحسب تقديرات أولية.

صراع تجاري الولايات المتحدة والصين

هل من أمل في التهدئة؟

ورغم كل المؤشرات السلبية، تشير بعض التحليلات إلى إمكانية تهدئة مرتقبة في أروقة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC)، المقرر نهاية أكتوبر الجاري، إذ ينظر إلى هذا الاجتماع باعتباره فرصة أخيرة للحد من التصعيد، خصوصًا مع إدراك الطرفين أن الحرب التجارية لا رابح فيها.

إن بكين باتت أكثر مرونة وصلابة مما كانت عليه في مواجهات سابقة، وقد تنجح في تحويل الأزمة إلى فرصة عبر تنويع شركائها التجاريين، وتعزيز الصناعات المحلية، لا سيما في الزراعة والتكنولوجيا.

يدخل العالم مجددًا نفق الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لكن هذه المرة يبدو الوضع أكثر تعقيدًا، وأكثر ترابطًا، وأكثر حساسية. الأسواق تراقب، والمستثمرون يهربون إلى الملاذات الآمنة، فيما ينتظر الجميع ما إذا كان اجتماع APEC سيحمل مخرجًا دبلوماسيًا، أم مجرد هدنة مؤقتة تسبق عاصفة أكبر.

السؤال الأهم: هل تتعلم واشنطن وبكين من دروس الماضي، أم يمضيان قدمًا نحو مواجهة جديدة قد تغير شكل الاقتصاد العالمي لعقد قادم؟

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search