إلغاء الرسوم على الواردات الأمريكية، تركيا تمهد لتحول سياسي وتجاري مع واشنطن

لم تعد الرسوم الجمركية مجرد خبر عابر، بل فصل جديد في علاقة اقتصادية وسياسية كبيرة تحاول الموازنة بين المصالح التجارية والدفعات الدبلوماسية، كما أن إلغاء أنقرة للتعريفات الإضافية المفروضة على سلع من أصل أمريكي  ليس مجرد خطوة تجارية بسيطة، بل قد تكون مؤشر لعقد صفقات أكبر أو إعادة ضبط للعلاقة بين بلدين لهم تاريخ تجاري وسياسي معقد.

وأعلنت تركيا إنهاء التعريفات الإضافية التي كانت مفروضة على واردات من المنشأ الأمريكي، تم نشر هذا الإعلان  في الجريدة الرسمية ووزارة التجارة، وشمل منتجات مثل سيارات الركاب، فواكه، أرز، تبغ، بعض المشروبات الكحولية، أنواع من الوقود الصلب وبعض المنتجات الكيماوية، كما جاءت هذه الخطوة وقت زيارة أردوغان للأمم المتحدة واللقاء المرتقب مع الرئيس الأمريكي.

الخلاف التجاري الذي ولد التعريفات، إلى متى تعود البداية؟

تعود التعريفات الإضافية لأزمة تجارية منذ سنوات، حيث فرضتها تركيا أول مرة في 2018 كرد فعل على رسوم أمريكية تم فرضهاخلال رئاسة ترامب، أي في الأساس كانت عبارة عن عمليات "احتكاك" تجاري متبادلة دخلت ضمن لعبة الرسوم والردود.

الفترة الماضية، كان هناك محاولات تفاوضية لخفض أثر الرسوم أو التوصل لترتيبات، وهذا اتضح في تصريحات وتقارير سابقة بخصوص رغبة أنقرة في التفاوض على رفع رسوم أمريكية إضافية.

ما السبب الحقيقي خلف الإلغاء في الوقت الحالي؟

الزمن مهم هنا، فالإعلان جاء قبل أو خلال جولة أردوغان في نيويورك وحضوره للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومع لقاء رسمي مقرر مع الرئيس الأمريكي، مما يجعل القرار ليس مجرد خبر اقتصادي محض، لكنه عنصر استراتيجي دبلوماسي واضح. 

حيث تسهل هذ الخطوة المفاوضات وتقدم للطرفين أرضية لتبادل تنازلات، فقد تفتح تركيا  باب التجارة، والجانب الأمريكي قد يرد بخطوات في مجال الدفاع أو استثمار أو تسهيلات تجارية.

تداعيات القرار على اقتصاد البلدين

على المستورد التركي:- فالشركات المستوردة للسلع التي تأثرت من الرسوم قد تنخفض تكاليفها فورياً، مما ينعكس نظرياً على أسعار البيع المحلي أو على هوامش أرباح المستوردين.

على المصدر الأمريكي:- يفتح إلغاء التعريفات سوق تركي أكبر لبعض الصادرات الأمريكية (سيارات، منتجات غذائية، كيماويات)، وهذه فرصة لتعويض خسائر حدثت خلال السنوات الماضية.

على سلاسل التوريد:- الشركات التي كانت تعيد توجيه إمداداتها لأسواق أو موردين بدلاء قد تعود لإعادة حسابتها، وقد تظهر حركة تجارية وحركة أسعار قصيرة المدى في القطاعات المتأثرة.

هنا لابد أن نذكر أن الآثار لن تكون في نفس الوقت لكل القطاعات، فبعضها يتأثر فوراً (مثل واردات السيارات والمواد الخام)، وبعضها يستغرق وقت ليتحرك (عقود توريد طويلة أو إعادة فتح اتفاقيات). 

أبرز التوقعات للفترة المقبلة

في خلال أسابيع لـ ثلاث شهور، قد يزداد الشراء الفوري لبعض الأصناف؛ لأن التكلفة الإجمالية ستتراجع عند المستوردين. لكن الأسعار التي تصل إل المستهلك لا تنخفض بشكل فوري لأنها تمر على أكثر من مرحلة في سلسلة التوريد.

إذا نجحت اللقاءات السياسية واتفقت على تفاهمات أوسع (صفقات طيران، أسلحة، استثمارات)، ستبدأ تظهر عقود جديدة واتفاقيات تجارية من الممكن أن تزيد حجم التبادل،  كما أن وجود مفاوضات شبيهة حدث إعلان عنها قبل ذلك يدعم فكرة أن الأمر للتفاوض السياسي الاقتصادي. 

إذا استمر التحسن في العلاقات، قد يتم إعادة تشكيل سياسات التعريفات المتبادلة ويقلل من مخاطبة السوق عن طريق إجراءات حمائية.

 لكن في نفس الوقت، أي تصعيد مستقبلي أو ضغوط داخلية (مثل اعتبار حماية الصناعات المحلية) قد يجعل  أنقرة تعيد فرض قيود مرة أخرى.

أبرز المخاطر والفرص من هذا القرار

تكمن أهم الفرص في استغلال مصدرين أمريكيين الفرصة للدخول السوق التركي بسهولة أكبر، وشركات تركية تستطيع استيراد مواد أرخص وتخفض تكاليف الإنتاج أو تزود هامش الربح، وقد يفتح هذا القرار الباب لصفقات أكبر (طيران، دفاع، استثمارات) إذا كان هناك تبادل تنازلات دبلوماسية.

وقد تكون مخاطر هذا القرار في أن يكون مؤقت مرتبط بمناخ سياسي، إذا لم يحدث ترتيبات مستدامة، كما أن الصناعات المحلية التركية التي كانت مستفيدة من حماية قد تشتكي من المنافسة، ومن الممكن أن يطلب الطرف الأمريكي تنازلات سياسية أو أمنية بالمقابل، وهذا له تبعات أوسع من مجرد تجارة.

اقرأ أيضًا:-

‏ تركيا تصدر مرسومًا بإلغاء رسوم جمركية إضافية على بعض المنتجات الأمريكية

ترامب يدرس رفع العقوبات واستئناف بيع الطائرات المقاتلة إلى تركيا

ختامًا، بدلاً من التركيز على "تركيا ألغت التعريفات"، من الضروري تسليط الضوء على فكرة أن هذه الخطوة جزء من استراتيجية دبلوماسية تجارية، أي يعني السوق هنا ليس آلة أرقام، بل أداة فنية في صندوق أدوات السياسة الخارجية.

إلغاء تركيا للتعريفات الإضافية خطوة لها تأثير اقتصادي حقيقي وبعد دبلوماسي واضح، فالتأثير الفوري سيظل محدود ومحدد لقطاعات معينة، لكن إذا حدث استغلال اللحظة في تفاوض أوسع، قد يحدث تغيير ملموس في علاقات التجارة بين أنقرة وواشنطن  سواء بصفقات تجارية أو خطوات تنظيمية تطمئن المستثمرين، فالمهم متابعة بيانات الواردات الشهرية، تصريحات وزراء التجارة والدفاع، وأي عقود أو اتفاقيات تظهر بعد لقاء القمة. 

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
 

أخبار متعلقة

‏ تركيا تصدر مرسومًا بإلغاء رسوم جمركية إضافية على بعض المنتجات الأمريكية

22 سبتمبر 2025 08:17 ص

ترامب يدرس رفع العقوبات واستئناف بيع الطائرات المقاتلة إلى تركيا

22 مارس 2025 11:16 ص

الولايات المتحدة تعفي تركيا من عقوبات شراء الغاز الروسي حتى مايو

20 مارس 2025 11:21 م