الذكاء الاصطناعي يقتحم أعالي البحار.. هل يشكل طوق نجاة لصناعة الشحن البحري؟
الجمعة، 19 سبتمبر 2025 12:55 ص

الذكاء الاصطناعي والشحن البحري
في الوقت الذي تهتز فيه سلاسل الإمداد العالمية تحت وطأة الأزمات المناخية، والصراعات الجيوسياسية، يبرز خطر آخر لا يقل تهديدًا لصناعة الشحن البحري، الحرائق المميتة على متن السفن، فبينما كانت هذه الحوادث في السابق تعامل كأخطار لا يمكن تفاديها تمامًا، يبدو أن الذكاء الاصطناعي (AI) في طريقه لتغيير قواعد اللعبة، من خلال تحول نوعي يضع الوقاية الاستباقية في صميم عمليات الشحن البحري.

حرائق تتصاعد.. وتحدي يتعاظم
وفقًا لتقرير السلامة والشحن لعام 2025 الصادر عن شركة أليانز، تم تسجيل 250 حادثة حريق بحرية في عام 2024، وهو أعلى رقم منذ أكثر من عقد، السبب الرئيسي؟ شحنات مصنفة بشكل خاطئ، غالبًا بهدف التهرب من رسوم شحن البضائع الخطرة، وهي ممارسة شائعة تشكل قنبلة موقوتة وسط البحر.
الأمر يزداد خطورة مع تضخم أحجام السفن، وتزايد الاعتماد على بطاريات الليثيوم أيون في التجارة، والتي من المتوقع أن يصل الطلب العالمي عليها إلى 322 مليار دولار بحلول 2030، هذه المعطيات ترسم ملامح واقع جديد، لا يمكن مواجهته بأساليب التفتيش التقليدية.

الذكاء الاصطناعي على الخط الأمامي
في استجابة مباشرة لهذا التحدي، أعلن المجلس العالمي للشحن عن إطلاق أداة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تعمل بمثابة رادار رقمي ذكي، قادر على مسح ملايين شحنات الحاويات في الوقت الفعلي، والتمييز بين الشحنات الآمنة وتلك التي تخفي خطرًا محتملًا.
وتعتمد الأداة على خوارزميات تحليل البيانات الضخمة والتعرف على الأنماط، وتقوم بمقارنة أوصاف الشحنات مع قواعد بيانات سابقة للكشف عن أي مؤشرات مريبة، وبمجرد الاشتباه، يتم إخطار شركات النقل، التي تصبح ملزمة بإجراء تفتيش ميداني.
اقرأ أيضًا:-
الذكاء الاصطناعي يقتحم إدارة الموانئ ويقلص تكاليف الشحن، تفاصيل
شركات الشحن وشركات التأمين على خط واحد
وبحسب جو كراميك، الرئيس التنفيذي للمجلس العالمي للشحن، فإن 70% من سعة شحن الحاويات العالمية، انضمت فعلًا للنظام الجديد، في الوقت ذاته، أبدت شركات التأمين، وعلى رأسها المجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض، دعمًا كبيرًا للأداة، معتبرة إياها وسيلة لتقليل الخسائر وتعزيز الشفافية.
وهذا الدعم لا يأتي من فراغ، إذ تشير الإحصائيات إلى أن عمليات التصريح الخاطئ، سواءً عن طريق الخطأ أو عمدًا، كانت العامل الأساسي في تصاعد الحوادث، فمثلًا، يتم الإعلان عن شحنات تحتوي على ألعاب أطفال، بدلًا من ألعاب نارية، أو قطع غيار إلكترونية بدلًا من بطاريات قابلة للاشتعال.
الذكاء الاصطناعي يتعلم من أخطائنا
ما يميز الأداة الجديدة، هو أنها تتعلم باستمرار، وكل حادثة يتم رصدها أو تفاديها، تدخل في منظومة التعلم، ما يجعل النظام أكثر ذكاءً مع الوقت، ولا حاجة لوجود فرق تفتيشية على متن كل سفينة، بل تعتمد التقنية على البيانات والتفاعل اللحظي، دون تعطيل عمليات الشحن.
اقرأ أيضًا:-
الذكاء الاصطناعي يتنبأ بأعطال المعدات وإجراء الصيانة في الشحن البحري
تداعيات اقتصادية وتنظيمية
التحول لا يقف عند حدود الوقاية، بل يمتد ليشمل إعادة تشكيل النظام القانوني والتنظيمي للصناعة، فوجود أداة تكشف التصاريح المضللة، يعني أن الجهل لم يعد عذرًا، ما يزيد من المسؤولية القانونية على وكلاء الشحن والمستوردين، ويضعهم تحت مجهر رقابي جديد.
كما أن تكاليف الحرائق البحرية غير المباشرة، والتي تشمل تعطيل مسارات الشحن، وتأخير تسليم البضائع، وإعادة توجيه السفن، يمكن تفاديها بشكل كبير، ما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد العالمي برمته.
ميزة تنافسية لا تقدر بثمن
في سوق يشهد تحولات سريعة نحو الاستدامة والمعايير البيئية الصارمة، فإن الشركات التي تتبنى هذه التكنولوجيا مبكرًا، ستكسب ميزة تسويقية واضحة، كونها تقدم نفسها كمزود خدمة آمن، ومسؤول، ومتقدم تقنيًا، وهذا التحول لا يغير فقط طريقة التعامل مع المخاطر، بل يعيد تعريف مفهوم السلامة البحرية، من كونه رد فعل إلى أداة استباقية ذكية، تدعم استمرارية التجارة، وتقلل من اضطرابات السوق العالمية.

الذكاء الاصطناعي يرسو في مرافئ الشحن البحري
الذكاء الاصطناعي، الذي غير وجه قطاعات مثل الصحة والتمويل والصناعة، يرسو اليوم في مرافئ الشحن البحري، كأداة فعالة لردع المخاطر وإنقاذ الأرواح وتفادي الكوارث، لكن نجاحه لن يعتمد فقط على قوة الخوارزميات، بل على مدى التزام الشركات بشفافية البيانات والاستجابة السريعة للتنبيهات.
وإذا كان البحر لا يرحم الأخطاء، فإن المستقبل يبدو أكثر أمانًا مع تقنيات لا تنام ولا تغفل، وفي عالم ينقل فيه البحر 80% من تجارة الكوكب، ربما يكون الذكاء الاصطناعي طوق النجاة الحقيقي لعصر أكثر أمانًا وفعالية.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
روبوتات التمريض المدعومة بالذكاء الاصطناعي.. حل مبتكر لأزمة نقص الكوادر الطبية
18 سبتمبر 2025 07:31 ص
لأول مرة في عهد ترامب.. تأثير قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة على الأسواق العالمية
18 سبتمبر 2025 01:01 ص
مصر تُراهن على السياحة، كيف تُخطط مصر لتحقيق أعلى معدلات الاستثمار؟
16 سبتمبر 2025 09:45 م
أكثر الكلمات انتشاراً