المخلفات الإلكترونية، ثروة مهدرة في عالم تصنيع الهواتف المحمولة

الأحد، 31 أغسطس 2025 12:37 م

المخلفات الإلكترونية

محمد السيد

تنتج مصر ما يزيد عن 90 ألف طن من المخلفات الإلكترونية سنويًا، وتتنوع بين هواتف محمولة قديمة، أجهزة كمبيوتر، وشاشات، وأجهزة منزلية كهربائية، ورغم هذه الكمية الضخمة، فإن أقل من 15% فقط منها يتم تدويره بشكل منظم عبر مبادرات حكومية أو شركات خاصة، بينما يذهب الباقي إلى مكبّات القمامة أو يُباع في السوق السوداء بأسعار زهيدة، ويقدّر أن القيمة الاقتصادية للمخلفات الإلكترونية في مصر قد تتجاوز 300 مليون دولار سنويًا إذا جرى استغلالها بالشكل الصحيح.

صناعة الهواتف المحمولة والبطاريات وأشباه الموصلات

وتحتوي هذه المخلفات على مواد ثمينة مثل الذهب والفضة والنحاس والليثيوم، وهي معادن تدخل بشكل مباشر في صناعة الهواتف المحمولة والبطاريات وأشباه الموصلات، فعلى سبيل المثال، طن واحد من الهواتف القديمة يمكن أن يحتوي على ما يعادل 300 جرام من الذهب، أي أكثر من قيمة الذهب المستخرج من بعض المناجم التقليدية، شركات كبرى مثل "أبل" و"سامسونج" بدأت بالفعل في إعادة تدوير مكونات أجهزتها المستعملة لتقليل الاعتماد على المناجم النادرة، وهو ما يفتح الباب أمام مصر لتكرار التجربة على نطاق واسع.

الاستثمار في قطاع إعادة التدوير

اقتصاديًا، يمكن أن يساهم الاستثمار في قطاع إعادة التدوير في خلق آلاف فرص العمل، إذ تشير دراسة صادرة عن وزارة البيئة إلى أن إنشاء 10 مصانع لإعادة تدوير المخلفات الإلكترونية قد يوفّر أكثر من 20 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة خلال خمس سنوات، كما أن هذا التوجه يمكن أن يخفض فاتورة استيراد بعض المعادن النادرة بما لا يقل عن 150 مليون دولار سنويًا، وهو ما يمثل مكسبًا مزدوجًا للدولة من حيث الاقتصاد والبيئة.

غياب التشريعات الخاصة بجمع المخلفات الإلكترونية

لكن التحدي الأكبر يكمن في غياب التشريعات الصارمة الخاصة بجمع المخلفات الإلكترونية، وغياب وعي المستهلك، فما زال المواطن المصري لا يرى في الهاتف القديم سوى "خردة" تباع ببضعة جنيهات، بينما في الحقيقة يمكن أن يساوي عشرات الدولارات بعد تفكيكه، لذلك الحل يبدأ من تشريع يلزم شركات الاتصالات والتكنولوجيا بجمع الأجهزة القديمة عند بيع الجديدة، على أن تدعم الدولة المستثمرين الراغبين في الدخول لهذا القطاع عبر حوافز ضريبية وإعفاءات جمركية.