بين حماية الصناعة الوطنية وجذب الاستثمارات، المكون المحلي في المحمول إلى أين؟

الأحد، 31 أغسطس 2025 10:36 ص

سوق الهواتف المحمولة المصري

محمد السيد

بينما تتجه مصر لفرض نسب إلزامية من المكوّن المحلي في الهواتف وأجهزة الاتصالات المستوردة، يدور نقاش واسع بين الخبراء حول جدوى هذه السياسة من منظور جذب الاستثمارات الأجنبية، فالشركات العالمية مثل "آبل" و"سامسونج" و"هواوي" لا تتخذ قرارًا بالتصنيع المحلي إلا إذا وجدت حوافز ضريبية واضحة وبنية تحتية قادرة على استيعاب استثمارات بمليارات الدولارات، وتشير تقديرات وزارة الاتصالات إلى أن حجم السوق المحلية للأجهزة الإلكترونية يبلغ نحو 2.5 مليار دولار سنويًا، ما يجعلها سوقًا واعدة قادرة على جذب كبريات الشركات.

تكلفة العمالة في مصر أقل بنسبة 40%

لكن تجربة دول مثل الهند وفيتنام أثبتت أن فرض نسب إلزامية للمكوّن المحلي قد يكون عامل جذب وليس عائقًا إذا توافرت البيئة الداعمة، ففي الهند مثلًا، فرضت الحكومة نسبة تصنيع محلي بلغت 30% عام 2016، وهو ما دفع "آبل" لإنشاء مصنع تجميع بالتعاون مع شركة "ويسترون"، لتلبية احتياجات السوق الضخمة، أما في مصر، فإن فرض نسبة مبدئية بين 15 و20% قد يشجع شركات مثل "إنفينيكس" و"نوكيا" على افتتاح خطوط تجميع، خاصة أن تكلفة العمالة في مصر أقل بنسبة 40% مقارنة بالأسواق الخليجية.

تقليل العجز في الميزان التجاري

من الناحية الاقتصادية، يمكن أن تؤدي هذه الخطوة إلى تقليل العجز في الميزان التجاري الذي يعاني منه قطاع الإلكترونيات، إذ تستورد مصر ما قيمته 1.5 مليار دولار من الأجهزة سنويًا مقابل صادرات لا تتجاوز 500 مليون دولار، ومع تطبيق نسبة المكوّن المحلي، يمكن رفع الصادرات إلى مليار دولار خلال خمس سنوات، وهذا النمو لن يدعم فقط الاقتصاد الكلي، بل سيوفر فرص عمل تتراوح بين 20 إلى 30 ألف وظيفة في مجالات التجميع والتغليف والنقل والخدمات اللوجستية.

إعفاءات جمركية على خطوط الإنتاج المستوردة

يرى بعض المحللين أن فرض نسب إلزامية دون تقديم حوافز قد يؤدي إلى عزوف بعض العلامات التجارية العالمية عن السوق المصري، ولذلك توصي الغرف التجارية بضرورة تقديم إعفاءات جمركية على خطوط الإنتاج المستوردة، وتخفيض ضريبة القيمة المضافة على الأجهزة المصنعة محليًا بنسبة 10%، ومثل هذه السياسات قد تجعل مصر بيئة استثمارية جذابة، وتحولها إلى مركز إقليمي للتصنيع يخدم أسواق إفريقيا والشرق الأوسط التي يبلغ حجمها أكثر من 50 مليار دولار سنويًا.