من قلب الأزمات، وقود الطائرات يعود كنقطة ارتكاز في سوق النفط العالمي

الإثنين، 25 أغسطس 2025 10:08 م

وقود الطائرات

رغم تعافي أسواق النفط بعد الجائحة، لا يزال وقود الطائرات يمثل لغزًا اقتصاديًا يحمل في طياته فرصًا ضخمة وتحديات مستمرة، فهل يتحول هذا القطاع إلى قاطرة جديدة لاستهلاك الطاقة؟.

منذ اجتياح جائحة كوفيد-19 أجواء العالم حرفيًا، تلقى قطاع الطيران ضربة موجعة انعكست مباشرة على الطلب على وقود الطائرات، وبينما تجاوزت معظم المنتجات النفطية المكررة مستويات الاستهلاك المسجلة في 2019، لا يزال وقود الطائرات يحاول اللحاق بالركب، مدفوعًا بموجة من الطموحات وأخرى من الواقع التكنولوجي والمناخي.

نقطة مضيئة في استهلاك النفط

بحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن يبلغ الطلب على وقود الطائرات هذا العام نحو 7.7 مليون برميل يوميًا، وهو أقل قليلًا من مستوى ما قبل الجائحة، أي 7.86 مليون برميل في 2019، ومع ذلك، فإنه يسجل أقوى معدل نمو سنوي بين جميع منتجات التكرير، في مؤشر على مسار انتعاش مستدام.

مصر تكتفي ذاتيًا من وقود الطائرات وتصدر الفائض، (تفاصيل)

الطيران التجاري ينتعش ولكن بكفاءة أعلى

الانتعاش في قطاع الطيران لا يقاس فقط بعدد الرحلات أو الركاب، بل بما يعرف بمؤشر "الركاب بالكيلومتر"، الذي سجل العام الماضي رقمًا قياسيًا تجاوز 9037 مليار كيلومتر.

هذا النمو يعود جزئيًا إلى الطلب المتزايد على السفر، لكنه لا يترجم مباشرة إلى استهلاك أعلى للوقود، بسبب دخول طائرات أكثر كفاءة إلى الخدمة.

فالطائرات الحديثة، مثل إيرباص A320neo وبوينج 737 ماكس، تقلل استهلاك الوقود بنحو 20% مقارنة بالجيل السابق، ما ساهم في كبح تسارع الطلب على الوقود رغم عودة النشاط الجوي.

آسيا والشرق الأوسط.. محركات الطلب المستقبلية

لا تتركز بوصلة النمو في مطارات الغرب، بل تتجه شرقًا وجنوبًا، مدن مثل غوانغجو، حيدر أباد، إسطنبول، جدة وبوغوتا تمثل الجيل الجديد من مراكز الطيران العالمية، مدفوعة بانتعاش الطبقة الوسطى، والنمو السكاني، والتوسع في ربط العالم النامي بشبكة النقل الجوي العالمية.

هذا الاتجاه يغذي الطلب طويل الأجل على الوقود، لا سيما في مناطق مثل آسيا والشرق الأوسط، حيث الجغرافيا المجزأة والجزر تحديدًا تجعل من الطيران الخيار الأمثل للتنقل، مقارنة بالنقل البري أو البحري.

وقود الطائرات بين المدنية والعسكرية، أوروبا الشرقية المنافس الأول لأمريكا وكندا

بدائل الوقود.. طموح سابق لأوانه

في وقت تتسارع فيه الدعوات إلى الانتقال إلى مصادر طاقة أكثر نظافة، يظل وقود الطائرات المستدام (SAF) في مرحلة تجريبية، فالمشتقات الحيوية مثل الزيوت والدهون الحيوانية لا تزال بعيدة عن تلبية الطلب العالمي من حيث الكمية والتكلفة.

أما الطائرات الكهربائية والهيدروجينية، فهي أقرب للخيال العلمي منها إلى الواقع التجاري، خاصة على المدى القصير والمتوسط، ما يعني أن الكيروسين سيبقى في قلب صناعة الطيران لعقد على الأقل، إن لم يكن أكثر.

إلى أين يتجه السوق؟

وفقًا للتقديرات، من المرجح أن يتجاوز الطلب على وقود الطائرات 8.5 مليون برميل يوميًا بحلول 2030، وهو ما يطرح سؤالًا مهمًا.

هل يصبح وقود الطيران المحرك الخفي لتعويض تراجع الطلب على البنزين والديزل بفعل التحول إلى السيارات الكهربائية؟

الإجابة: نعم، ولكن جزئيًا، فبينما تتراجع أهمية البنزين في أسواق النقل البري، يبدو أن وقود الطائرات في طريقه ليحتل مساحة أكبر من خارطة استهلاك النفط العالمي.

العوائق أسعار النفط والتغير المناخي

لا تخلو الرحلة من مطبات، فارتفاع أسعار النفط بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، والضغوط التنظيمية لفرض ضرائب على الكربون أو حظر الرحلات القصيرة، قد يبطئ الزخم، كما أن الوعي البيئي آخذ في التصاعد، حتى لو لم يتحول بعد إلى قرارات استهلاكية ملموسة لدى الأغلبية.

وقود الطائرات يمثل اليوم نقطة التقاء بين انتعاش اقتصادي صاعد وتحديات بيئية وتكنولوجية قائمة، ومع تسارع النمو في آسيا والشرق الأوسط، والتأخر في حلول بديلة حقيقية، يبدو أن سماء الوقود الأحفوري لن تفرغ من الطائرات قريبًا.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.