"بودرة بمليارات الجنيهات"، معدن التلك كنز ضائع في الصحراء الشرقية

الثلاثاء، 29 يوليو 2025 08:04 م

معدن التلك

في أعماق الصحراء الشرقية لمصر، وعلى امتداد وديانها الجبلية الوعرة، يتوارى معدن ثمين يُعرف بـ"التلك" ضمن تشكيلات جيولوجية معقدة، لكنه رغم قيمته الاقتصادية وتعدد استخداماته الصناعية والطبية، لا يزال من الثروات المعدنية الأقل استغلالًا في البلاد، وسط إنتاج محدود وتصدير متواضع، بينما ترتفع التطلعات نحو تعظيم الاستفادة منه.

أماكن تواجد التلك في الصحراء الشرقية

ويوجد التلك في أكثر من 30 موقعًا بالصحراء الشرقية، وتحديدًا في مناطق مثل درهيب، العطشان، وأم الساتيت، إضافة إلى وادي العلاقي جنوب شرق أسوان، وهي مواقع تتبع إداريًا محافظتي أسوان والبحر الأحمر، وتعمل بعض الشركات المصرية مثل "الصحراء للتعدين" في التنقيب عن الخام بهذه المناطق، فيما تُشير مصادر جيولوجية إلى أن رواسب التلك تترافق غالبًا مع صخور السربنتين في التكوينات الأفيوليتية، ضمن سلسلة الدرع العربي النوبي.

إنتاج مصر من معدن التلك

وبالرغم من الانتشار الجيولوجي، تُظهر بيانات رسمية تعود إلى الثمانينات أن إنتاج مصر من التلك لم يتجاوز 12,200 طن سنويًا في ذلك الوقت، وهو رقم يعكس نشاطًا إنتاجيًا محدودًا، ورغم غياب الإحصاءات الحديثة الدقيقة، إلا أن معظم الإنتاج الحالي يوجه إلى السوق المحلي، لا سيما في صناعات الورق، المنظفات، الصابون، والمستحضرات التجميلية والطبية.

وتؤكد دراسات هيئة الثروة المعدنية أن رواسب التلك المصرية ذات طبيعة أوليفينية–سربنتينية، وتوجد غالبًا في بيئات جيولوجية مناسبة للاستغلال، إلا أن الاحتياطيات المؤكدة لم تُعلن بشكل رسمي، ما يفتح الباب أمام أهمية إجراء مسوحات حديثة باستخدام تقنيات GIS وTEM لتقدير الكميات المتاحة بدقة، بما يدعم اتخاذ قرارات استثمارية أوسع نطاقًا.

وبالرغم من محدودية الإنتاج، تصدر مصر كميات من التلك إلى أسواق خارجية متنوعة، فبحسب بيانات عام 2023، توجهت صادرات التلك المصري إلى دول مثل الكونغو، اليمن، جنوب أفريقيا، أوغندا، المغرب، العراق، والهند، وبلغت مئات الآلاف من الكيلوجرامات، وتعد شركات مثل Heliopolis Mining Company وGSK Mining من أبرز المصدرين، حيث تصل طاقة الأخيرة إلى 1,000 طن شهريًا من مسحوق التلك عالي النقاء والخالي من الإسبستوس، خصوصًا من منطقة العلاقي بأسوان.

أماكن تواجد التلك في مصر من خريطة الموارد المعدنية

حزام الفوسفات، ذهب مصر الأبيض يُعزز صناعة الأسمدة

استخدامات معدن التلك

يُستخدم التلك على نطاق واسع في صناعات متعددة، من بينها:

الورق والدهانات والبلاستيك والمطاط، بفضل خواصه الفيزيائية في تحسين الانسيابية والعزل.
المنظفات والصابون، لكونه مادة خام خاملة وغير مهيجة.
المستحضرات الطبية والتجميلية، مثل بودرة الأطفال ومساحيق التجميل، حيث يعمل كمضاد للرطوبة.

ومع ذلك، فإن التحديات المرتبطة بسلامة الاستخدام الطبي لا تزال مطروحة، إذ صنفته الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) على أنه مادة "مسرطنة محتملة"، وهو ما يستدعي تشديد الإجراءات الرقابية والفحص قبل التداول.

وبالرغم من التواجد الجيولوجي الواسع والإمكانات التصديرية، فإن قطاع التلك في مصر لا يزال بحاجة إلى:

تحديث بيانات الاحتياطيات القومية عبر تقنيات حديثة.
زيادة القيمة المضافة من خلال التوسع في الصناعات التحويلية، كإنتاج بودرة التلك الصناعية أو مواد التجميل.
تشجيع التصدير المعالج بدلًا من تصدير الخام، بما يعزز عائدات الدولة ويخلق فرص عمل.

كما أن دمج التلك في سلاسل إنتاج الكيماويات والدهانات قد يُضاعف من قيمته، خاصة في ظل تنامي الطلب العالمي على مواد الحشو الصناعية.

Short Url

أخبار متعلقة