الاقتصاد الأخضر يبدأ من البنوك، التمويل المستدام في مصر بين الطموح والتحديات
الأحد، 06 يوليو 2025 02:01 م

دعم البنوك للاقتصاد اللأخضر
يتساءل المهتمون بالاقتصاد الأخضر، عن دور البنوك في دعم هذا النمط من الاقتصاد وما الذي تقدمه، ودورها في دعم خطة الدولة للتحول إلى الاقتصاد الأخضر ودعم وتمويل انتقال الدولة نحو اقتصاد أكثر استدامة.
وهناك بعض البنوك تشارك في دعم الاقتصاد الأخضر من خلال تمويل المشاريع، وزيادة الأصول المالية الخضراء، وتشجيع أنشطة المنظمات الخيرية، ويهدف ذلك إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاستدامة الاجتماعية، بما يتوافق مع أهداف التنمية الاقتصادية.

التحوّل الحقيقي يتطلب تغييرًا عميقًا في نماذج الأعمال
وفي هذا السياق قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، في تصريحات خاصة لموقع “إيجي إن” إن معظم التحركات في مجال التمويل الأخضر لدى البنوك في مصر والعالم العربي أقرب إلى المبادرات التجريبية أو الدعائية، مع استثناءات محدودة.
وأضاف الأدريسي أن بعض البنوك الكبرى بدأت تتبنى استراتيجيات أكثر جدية بضغط من الشركاء الدوليين والمؤسسات متعددة الأطراف، لكن التحول الحقيقي يتطلب تغييرًا عميقًا في نماذج الأعمال، وسياسات الإقراض، وآليات التقييم، وهو أمر لا يزال في بدايته.
وأشار الخبير الاقتصادي أن التمويل الأخضر يُعرّف داخليًا بأنه تمويل للمشروعات التي تساهم في الحد من الانبعاثات الكربونية أو تحسين كفاءة استخدام الموارد، مثل الطاقة المتجددة، والمباني الخضراء، وإدارة المخلفات، والنقل المستدام. بعض البنوك طورت “دليل تصنيف أخضر” (Green Taxonomy) داخلي لتحديد المشروعات المؤهلة، بينما لا تزال بنوك أخرى تعتمد على المبادئ العامة دون منهجية واضحة.
وبالنسبة للتحديات التي تواجه البنوك في تمويل ودعم الأقتصاد الأخضر، ويواجه نقص البيانات والشفافية من جهة المشروعات، ضعف القدرات الداخلية للبنوك في تقييم مخاطر وفرص المشروعات الخضراء، بالإضافة إلى غياب الحوافز الواضحة أو الدعم الحكومي لتقليل مخاطر هذا النوع من التمويل.
وأضاف الإدريسي أن من ضمن التحديات التي تواجه البنوك هي ندرة الخبراء المتخصصين في التمويل المستدام داخل القطاع المصرفي، وصعوبة دمج معايير الـESG في نماذج التقييم التقليدية للائتمان.

هل غياب الحوافز الحكومية يعرقل التمويل الأخضر؟
أوضح الخبير الأقتصادي أن الدولة تلعب دورًا حاسمًا في خلق البيئة الممكنة للتمويل الأخضر. لكن حتى الآن، الحوافز ما زالت محدودة. غياب، الإعفاءات الضريبية، وآليات ضمان حكومية للمخاطر البيئية، وسياسات شراء حكومية خضراء (Green Procurement)، مشيرًا إلى أن كلها تحد من جاذبية التمويل الأخضر وتجعل البنوك تفضل القطاعات التقليدية منخفضة المخاطر.
هل توجد جهات رقابية تُلزم البنوك بالإفصاح عن التمويل الأخضر؟
قال الخبير الأقتصادي في تصريحاته أن بدأ البنك المركزي في مصر، يشجع على ذلك من خلال إصدار مبادئ الإقراض المستدام، لكنه لم يصل بعد إلى مرحلة الإلزام الكامل، دول آخري مثل الإمارات والسعودية بدأت تتبنى أدوات إفصاح من خلال البنوك المركزية وهيئات السوق المالية، لكن ما زالت البلاد بحاجة إلى إطار رقابي أكثر صرامة وربط واضح بين الأداء البيئي وعمليات الإقراض.
التزام البنوك بتطبيق مبادئ مثل الـESG أو الإكويتر
قال الإدرييس إن التزام البنوك بتطبيق مبادئ مثل الـESG أو الإكويتر، لا يزال محدودًا وغالبًا نخبويًا في البنوك التي لها علاقات دولية أو تمويلات خارجية، وتطبيق مبادئ الـESG لا يتم بشكل ممنهج في أغلب البنوك، بل في شكل تقارير غير متكاملة، أما مبادئ الإكويتر (Equator Principles)، فالبنوك المصرية الكبرى لم تنضم إليها رسميًا حتى الآن، لكنها قد تُطبق بعض مفاهيمها ضمنيًا في حالات محددة.
وينعكس دعم المشروعات الخضراء على التشغيل والاقتصاد المحلين، فهو يعمل على توفير فرص عمل مباشرة في، الطاقة المتجددة، والزراعة المستدامة، وإعادة التدوير.
كما أنه يساهم في خلق سلاسل قيمة محلية جديدة، ويقلل من الاعتماد على الاستيراد (مثل الوقود الأحفوري)، وبالتالي يعزز الأمن الاقتصادي ويقلل من فجوات العملة الصعبة.
_1779_012035.jpg)
اقرأ ايضًا:
خبير مصرفي: الحكومة المصرية تدعم مبادرات التمويل الأخضر عن طريق البنك المركزي
وزير الزراعة: تعزيز التمويل الأخضر هو الطريق للتحول في الأنظمة الغذائية
هل التمويل الأخضر له دور في دعم الفئات الأكثر احتياجًا؟
وأوضح الإدريسي، أن التمويل الأخضر يكون له دور في دعم الفئات الأكثر احتياجًا، إذا تم توجيهه بذكاء، لأنه يمكن أن يدعم المناطق الريفية (مثل مشروعات الطاقة الشمسية للري)، أو النساء العاملات في الزراعة، أو مشروعات الاقتصاد غير الرسمي المتعلقة بإعادة التدوير، لكن معظم التمويلات الخضراء الحالية تذهب إلى مشروعات متوسطة أو كبرى، ويجب التفكير في “التمويل الأخضر المصغر” كأداة شمول بيئي.
وبالنسبة لخطط البنوك لتوسيع الاستثمار في الاقتصاد الأخضر، أشتر الخبير الأقتصادي أن خطط البنوك تشمل، إطلاق منتجات ائتمان خضراء مثل القروض العقارية للمباني الموفرة للطاقة، وشراكات مع المؤسسات الدولية لخفض تكلفة التمويل، وإدراج التمويل الأخضر ضمن استراتيجيات الاستدامة العامة، ولكن هذه الخطط لا تزال في مراحلها الأولى وتحتاج إلى دعم تنظيمي وتمويلي أكبر من الدولة.
كيف يمكن للبنك المركزي أن يدفع البنوك بقوة نحو التمويل المستدام؟
وأوضح الإدريسي أن يوجد عدة إلزامات للبنك المركزي لكي يدفع البنوك بقوة نحو التمويل المستداما ويجب عليه أن يلزم البنوك بإفصاحات مناخية ضمن تقاريرها السنوية، وربط تكلفة التمويل للبنوك (مثل تسهيلات البنك المركزي) بنسبة التمويل الأخضر في محافظها، وإطلاق إطار تصنيف وطني للتمويل الأخضر، ودعم إنشاء صندوق ضمان للمخاطر البيئية.

يصبح التمويل الأخضر إلزاميًا خلال السنوات القادمة
وتوقع الخبير الأقتصادي أن يصبح التمويل الأخضر إلزاميًا خلال السنوات القادمة، على الأرجح خلال 5 إلى 7 سنوات، سنرى تحولًا تدريجيًا نحو إلزام البنوك بتخصيص نسبة من محافظها التمويلية للأنشطة الخضراء، تحت ضغط، من اتفاقيات المناخ الدولية، والمؤسسات المانحة، و تصنيفات الاستدامة التي بدأت تؤثر على الجدارة الائتمانية للبنوك.
ونصح الخبير روّاد الأعمال البيئيين الباحثين عن تمويل، أن يتم تصميم المشاريع وفق معايير قابلة للقياس في الأثر البيئي، وتجهيز وأعداد دراسة جدوى تتضمن تحليل كربوني أو بيئي، والتواصل مع البنوك التي لديها وحدة استدامة أو CSR.
وشدد على أن لايعتمد رواد الأعمال فقط على القروض، بحث عن منح وهبات من منظمات التنمية الدولية، ويجب أن يكون رواد الأعمال جاهزة للإفصاح المالي والبيئي منذ البداية، فهذه هي لغة التمويل الأخضر الحقيقي.

اقرأ ايضًا:
«التمويل الأخضر» كيف تحول السعودية التحديات البيئية إلى فرص استثمارية؟
بنك التعمير والإسكان: يحصد الجائزة الذهبية للتمويل الأخضر
تعرف على أهم 10 معلومات عن التمويل الأخضر وتحقيق التنمية المستدامة
Short Url
«بلتون» تطلق «روبن»، نقلة نوعية في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات بمصر
06 يوليو 2025 06:07 م
بين الجفاف والإهمال، حريق كاليفورنيا يكشف هشاشة إدارة الكوارث الأمريكية
05 يوليو 2025 03:44 م
4 أيام على انتهاء المهلة، الأسواق العالمية تجهز البدائل قبل قرارات ترامب
05 يوليو 2025 02:20 م

أكثر الكلمات انتشاراً