سوق القطن في إفريقيا، فرص نمو مستدامة وسط التحديات البيئية والاقتصادية

الأربعاء، 02 يوليو 2025 08:42 م

القطن الإفريقي

لم يكن القطن في يوم ماـ مجرد محصول زراعي، بل محصولًأ إستراتيجيًا، حيث يمثل أحد الموارد الطبيعية الأساسية التي تساهم في دعم الاقتصاد الزراعي والصناعي، خاصة في مناطق جنوب الصحراء الكبرى وغرب إفريقيا، وتُظهر البيانات الحديثة، أن سوق القطن في إفريقيا شهد نموًا ملحوظًا، ومن المتوقع أن يستمر في التوسع خلال السنوات القادمة.

ففي عام 2025، يُقدر حجم السوق بحوالي 6.36 مليارات دولار أمريكي، حيث من المتوقع أن يصل إلى 8.08 مليارات دولار بحلول عام 2030، مع معدل نمو سنوي مركب يبلغ 4.91% خلال الفترة المتوقعة، ويُعتبر هذا النمو مدعومًا بعدد من العوامل الاقتصادية والاجتماعية، التي تعزز من مكانة القطن، كأحد الموارد الطبيعية الهامة في القارة.

الإحصاء: 107.5 ألف قنطار متري كميـة الاقطان المستهلكة عام 2024

الخصائص الزراعية والتحديات

ويعتبر القطن، من المحاصيل التي تنمو بشكل جيد في المناخات الدافئة والرطبة، والتي توجد بشكل كبير في مناطق إفريقيا جنوب الصحراء، وهذا الإقليم يُعد من أكبر منتجي القطن في العالم، حيث يتمتع بتربة غنية بالملوحة التي تناسب زراعة القطن.

ومعظم المزارع التي تزرع القطن في هذه المنطقة، هي مزارع صغيرة الحجم، حيث يعتمد الفلاحون بشكل أساسي على زراعة القطن، كمحصول تجاري مكمل للمحاصيل الأساسية، مثل الذرة وفول الصويا والفول السوداني، وهذا التنوع في الزراعة، يساهم في الحفاظ على التربة وتقليل خطر الآفات.

ورغم أن القطن يُزرع بشكل رئيسي في البلدان الصغيرة الحجم، إلا أن بعض الدول مثل جنوب إفريقيا والسودان وبوركينا فاسو، تسمح بزراعة القطن المعدل وراثيًا، وهو ما يساعد على زيادة الإنتاجية، لكن القطن في الغالب، يُحصد يدويًا في هذه المناطق، ما يساهم في تحسين جودة المحصول.

الدور الحيوي للصناعات المساندة

بعيدًا عن الزراعة، يُعد قطاع القطن في إفريقيا، جزءًا لا يتجزأ من الصناعات التحويلية، بما في ذلك صناعة الغزل والنسيج، وصناعة الملابس.

إضافة إلى ذلك، تُستخدم بذور القطن لاستخراج الزيوت النباتية، التي تُستخدم في العديد من المنتجات الغذائية والحيوانية، خاصة في غرب إفريقيا، وهذا التنوع في الاستخدامات، يعزز من دور القطن في تحقيق التنمية الاقتصادية في المنطقة.

نصائح هامة لمزارعي القطن في بداية موسم الزراعة

الإنتاج في غرب إفريقيا.. قوة محورية في السوق

وتستحوذ دول غرب إفريقيا على النصيب الأكبر من إنتاج القطن في القارة، حيث تعتبر بوركينا فاسو وكوت ديفوار من أكبر المنتجين في المنطقة، كما تشهد هذه الدول زيادة ملحوظة في الإنتاج في السنوات الأخيرة، وهو ما يعزز مكانتها في الأسواق العالمية.

الجدير بالإشارة إلى أن الإنتاج في هذه المنطقة، يتم تصديره بشكل رئيسي إلى أسواق جنوب وجنوب شرق أسيا، مثل بنغلاديش وفيتنام وماليزيا، حيث يتم استخدامه في صناعة الأنسجة، وعليه، فإن الطلب الخارجي يعد من العوامل الرئيسية، التي تحفز الإنتاج في دول غرب إفريقيا.

وفي عام 2022، سجلت مالي أعلى مستوى لإنتاج القطن، حيث بلغ أكثر من 526 ألف طن متري، ما يعكس النمو الكبير في الإنتاج في هذه البلدان.

التحول نحو الاستدامة.. الفرص الجديدة

إحدى التوجهات البارزة في سوق القطن الإفريقي، تتمثل في التركيز على الاستدامة، إذ تحظى برامج مثل Cotton Made in Africa" (CmiA)" بشعبية متزايدة، حيث تهدف إلى تعزيز ممارسات الزراعة المستدامة، وتحسين ظروف العمل في القطاع.

هذا البرنامج تم اعتماده من قبل معايير الختم الأخضر الألمانية، حيث يشهد نموًا مستمرًا في الطلب على القطن المستدام، إضافة إلى ذلك، تُعزز اتفاقيات التجارة مثل قانون النمو والفرص في إفريقيا (AGOA) من مكانة القطن الإفريقي في الأسواق العالمية، من خلال السماح بدخول المنتجات الإفريقية، بما فيها القطن، إلى الأسواق الأمريكية بدون رسوم جمركية، ما يُساهم في تعزيز التصدير.

في 2023، تم إطلاق مبادرة جديدة من قبل "Better Cotton" في كوت ديفوار لدعم 200 ألف من مزارعي القطن المحليين، ما يساهم في تعزيز الإنتاج العضوي المستدام، وهذه المبادرة، وغيرها من البرامج التي تدعم الزراعة المستدامة، تُعد من العوامل التي تُعزز الطلب على القطن الإفريقي في الأسواق العالمية.

مصر تصدر 20 ألف طن قطن وتحقق زيادة 26 ألف فدان في 2024

التحديات المستقبلية

وعلى الرغم من النمو الكبير في سوق القطن الإفريقي، إلا أن هناك تحديات كبيرة تظل قائمة، منها ضرورة تطوير البنية التحتية الخاصة بصناعة الغزل والنسيج في العديد من الدول الإفريقية، حيث لا يزال هناك نقص في المصانع المتخصصة التي يمكنها معالجة كميات كبيرة من القطن المحلي.

كما أن استخدام المواد الكيميائية في إنتاج القطن، يعد من العوامل التي تُهدد الصحة البشرية والبيئة في بعض المناطق، ومع ذلك، من المتوقع أن تُساهم المبادرات التي تدعم الاستدامة والإنتاج العضوي، في التخفيف من هذه المخاطر، ما يُساعد على فتح أسواق جديدة للقطن الإفريقي.

إن سوق القطن في إفريقيا، يشهد تحولًا ملحوظًا، مدعومًا بالزراعة المستدامة، وزيادة الطلب العالمي على الألياف الطبيعية، وتوسيع اتفاقيات التجارة، وعلى الرغم من التحديات المتعلقة بالبنية التحتية والآثار البيئية، فإن الفرص التي يتيحها هذا القطاع للنمو الاقتصادي في القارة كبيرة جدًا، ومع استمرار تطوير هذه المبادرات، من المتوقع أن يظل القطن واحدًا من أبرز الموارد الاقتصادية في إفريقيا خلال العقد المقبل.

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، بالإضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.