الإنترنت الفضائي يحقق حلم 2.6 مليار إنسان
الخميس، 26 يونيو 2025 05:15 ص

الإنترنت الفضائي
رغم عشرات الكيلومترات من الكابلات المدفونة تحت الأرض وتحت البحار، ورغم انتشار أبراج الاتصالات في المدن والغابات والصحارى، ما يزال أكثر من 2.6 مليار إنسان خارج شبكة الإنترنت، هذه الفجوة الرقمية الواسعة، خصوصًا في الدول النامية والمناطق الريفية، لم يعد يمكن سدها بالوسائل التقليدية وحدها، وهنا برز نجم الإنترنت الفضائي.

هذا القطاع، الذي كان في تسعينيات القرن الماضي ترفًا تقنيًا محدود الاستخدام، تحول خلال أقل من عقد إلى سوق عالمية ناشئة تحمل وعودًا اقتصادية هائلة، من أقصى الصحراء العربية إلى ساحات النزاع في أوكرانيا وغزة.
من الإنترنت البطيء إلى السباق نحو المدار الأرضي المنخفض
البداية كانت بطيئة، الإنترنت الفضائي ظهر أولاً عبر الأقمار الجغرافية الثابتة GEO بمدار 36 ألف كم، ما يعني تأخرًا في الاستجابة وصعوبة في الاستخدام التفاعلي.
لكن النقلة النوعية جاءت في عام 2019 مع إطلاق مشروع ستارلينك من شركة سبيس إكس، التي قلبت معادلة الاتصال الفضائي بتقنية الأقمار الصغيرة في المدار الأرضي المنخفض LEO، مما خفض زمن الاستجابة إلى 20 ميلي ثانية سرعة تقترب من أداء الألياف البصرية.
الشركات تبعتها بسرعة، كويبر من أمازون، وان ويب، وغيرها، وهو ما أطلق سباقًا فضائيًا اقتصاديًا يوازي سباقات التسلح في القرن العشرين.
سوق بالمليارات ونمو سنوي مزدوج الرقم
وفق بيانات The Business Research Company، بلغ حجم سوق الإنترنت الفضائي 6.51 مليار دولار في 2025، ويتوقع أن يصل إلى 11.35 مليار دولار بحلول 2029، بمعدل نمو سنوي يبلغ 14.9%.
وما هو المحرك الأساسي؟ طلب هائل من المناطق المحرومة، صعود إنترنت الأشياء، وتدخل حكومي واسع لتعزيز الشمول الرقمي.
لكن الأهم أن هذه التكنولوجيا بدأت تغير خريطة الاستثمار والتنمية، في إندونيسيا، أطلق إيلون ماسك خدمة الإنترنت عبر الأقمار لخدمة القطاع الصحي في الجزر النائية، وفي أفريقيا، أصبح الوصول إلى الإنترنت عبر LEO عاملاً في تحسين التعليم والوظائف والتجارة الإلكترونية.
اقرأ أيضًا:
الإنترنت الفضائي في العالم العربي، فرص النمو وتحديات التكلفة
الإنترنت الفضائي كرافعة اجتماعية
الإنترنت لم يعد ترفاً، بل بنية تحتية تماثل الكهرباء والماء، غيابه يعني عجزاً عن التقديم على وظيفة، صعوبة في الوصول للرعاية الصحية، وانقطاع عن التعليم، في الولايات المتحدة، ورغم تقدمها، اعتمد 20% من البالغين ذوي الدخل المنخفض على هواتفهم فقط للاتصال بالإنترنت.
في الدول النامية، العواقب أكثر حدة، معدلات أمية أعلى، خدمات صحية أضعف، وفجوات طبقية موروثة، وهنا يظهر الإنترنت الفضائي كحل فوري وفعال، بفضل محطاته الطرفية خفيفة الوزن، القابلة للتشغيل بالطاقة الشمسية، والمتوافقة مع الهواتف المحمولة.

الفرصة العربية من الرمال إلى السماء
الإنترنت الفضائي لم يعد حلمًا بعيدًا عن العالم العربي، في 2024، بلغ حجم السوق الإقليمي 82.4 مليون دولار، ويتوقع أن ينمو بنسبة 34% سنويًا حتى 2031، مدفوعًا باستراتيجيات التحول الرقمي في الخليج، ومبادرات التوسع في مصر والمغرب والجزائر.
في مصر، وصل حجم السوق إلى 8.65 مليون دولار، مع تسارع ملحوظ في التوسع نحو المجتمعات الريفية. أما في الخليج، فشركات الطيران، مثل طيران الإمارات، دخلت في مفاوضات مع ستارلينك لتحسين الإنترنت الجوي، في خطوة تشير إلى تعاظم الطلب على الشبكات غير الأرضية.
اقرأ أيضًا:
بسبب سوء الأحوال الجوية، تأجيل إطلاق أول أقمار كويبر للإنترنت التابعة لأمازون
التحديات قائمة وليست كل السماء زرقاء
رغم النمو السريع، الإنترنت الفضائي لا يزال يواجه تحديات ثلاثية الأبعاد:
- تشريعية: كل دولة تفرض تراخيص طيف منفصلة، مما يعقد الإطلاق، ستارلينك تأخرت في إيطاليا مطلع 2025 لنقص التنسيق الأوروبي.
- بيئية: مع إطلاق أكثر من 2800 قمر صناعي في عام 2023 فقط، يزداد خطر الحطام الفضائي الذي قد يعوق استدامة هذه التكنولوجيا.
- اقتصادية: الكلفة ما زالت مرتفعة، رسوم الاشتراك قد تصل إلى 150 دولارًا شهريًا، إضافة إلى معدات بأكثر من 500 دولار، مما يجعل الخدمة غير متاحة لشرائح واسعة رغم انخفاض الأسعار التدريجي.
أضف إلى ذلك البُعد السياسي، وهو الاعتماد على مشغل واحد مثل ستارلينك يفتح باب الابتزاز أو التوقف التعسفي، في حالات النزاعات، يصبح الإنترنت أداة ضغط أو مراقبة، كما حصل في أوكرانيا أو السودان.

نحو حوكمة رقمية عادلة
في ظل توسع الإنترنت الفضائي، تنادي منظمات مثل Access Now بوضع أطر قانونية دولية تُنظم الخدمة على أسس تحمي حقوق الأفراد، وتمنع الاحتكار أو استخدام الشبكة في التجسس أو الابتزاز السياسي، فالمجتمعات الأضعف هي الأكثر عرضة للمخاطر، رغم كونها الأكثر احتياجًا للاتصال.
من الرفاه إلى الضرورة
الإنترنت الفضائي لم يعد تكنولوجيا مكملة، بل بنية تحتية مركزية في الاقتصاد الرقمي العالمي، من التعليم إلى الصحة إلى الأمن الغذائي، صار الاتصال بالشبكة العالمية حقاً لا رفاهية.
الدول العربية، التي لطالما عانت من فجوات في البنية التحتية الأرضية، تملك فرصة نادرة للقفز فوق مراحل التنمية عبر الاستثمار في المدار، لكن هذه القفزة لن تنجح دون تشريعات مرنة، واستثمار حكومي ذكي، وشراكات دولية متوازنة.. فالسماء لم تعد الحد الأقصى، بل أصبحت البداية.
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
السعودية تحلق عاليًا، المملكة تعلن تدشين مدينة متكاملة لتصنيع الطائرات
26 يونيو 2025 12:28 م
طفرة جديدة، الذكاء الاصطناعي يُنعش سوق العقارات الفاخرة في المدن الكبرى
26 يونيو 2025 10:55 ص
نمو الاستثمار في الحيوانات الأليفة 24.8%
26 يونيو 2025 08:40 ص


أكثر الكلمات انتشاراً