الإثنين، 23 يونيو 2025

10:28 م

السياسة تشتعل والاقتصاد يتمدد، قمة لندن ترسم مسار جديد للعلاقات العربية البريطانية

الإثنين، 23 يونيو 2025 02:52 م

صورة أرشيفية

صورة أرشيفية

في لحظة سياسية واقتصادية بالغة الحساسية، تتجه أنظار مجتمع الأعمال العربي والبريطاني نحو العاصمة البريطانية، لندن، إثر انعقاد، الدورة الرابعة من القمة الاقتصادية العربية البريطانية تحت شعار "الصداقة من خلال التجارة". 
يكتسب هذا الحدث، الذي تنظمه غرفة التجارة العربية البريطانية ويتزامن مع الذكرى الخمسين لتأسيسها، أهمية استثنائية هذا العام. 

ففي خضم توترات جيوسياسية حادة وسعي حثيث لتوسيع آفاق التعاون التجاري، تبدو القمة بمثابة بوصلة تحدد مسارًا جديدًا للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين، مؤكدةً أن التجارة ليست مجرد أرقام، بل هي أساس لجسور متينة من الصداقة والتفاهم المتبادل. 

 

قمة في توقيت بالغ الحساسية

رغم تعدد دورات القمة، إلا أن النسخة الحالية توصف بأنها الأهم حتى الآن، ليس فقط لطبيعتها الدورية، ولكن لما تحمله من دلالات استراتيجية في ظل تقلبات عالمية، فالأحداث الجيوسياسية الراهنة تفرض نفسها كعنصر غير رسمي على طاولة المباحثات، بحسب ما أوردته منصة "العربية بيزنس"، التي اعتبرت أن شعار القمة "الصداقة من خلال التجارة" يلخص جوهر العلاقة التاريخية بين المملكة المتحدة والدول العربية.

وتمثل القمة محاولة عملية لتعميق الحوار الاقتصادي، وتوسيع جسور التعاون القائم، لا سيما مع دول الخليج التي باتت تشكل شريكاً تجارياً محورياً لبريطانيا.

أرقام تعكس عمق العلاقات بين المملكة المتحدة ودول الخليج

تشير البيانات الرسمية إلى أن حجم التبادل التجاري بين المملكة المتحدة ودول الخليج وحدها تجاوز 57 مليار جنيه إسترليني، فيما يصل إجمالي التجارة الثنائية مع الدول العربية إلى أكثر من 70 مليار إسترليني سنويًا، وفقًا لمكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني،  التي تُنشر شهريًا لكل دولة من قِبل وزارة الأعمال والتجارة

وتتصدر الإمارات قائمة الشركاء التجاريين العرب للمملكة المتحدة بقيمة تبادل تبلغ 23.4 مليار جنيه، تليها السعودية بـ15.8 مليار، ثم الكويت 6.2 مليار إسترليني، وقطر 5.6 مليار إسترليني، ومصر 4.7 مليار إسترليني، والمغرب 3.8 مليار إسترليني، وليبيا 2.5 مليار إسترليني، ، وسلطنة عمان 1.5 مليار إسترليني.

وتظهر هذه الأرقام أن العلاقات التجارية ليست فقط قوية، بل قابلة للتوسع بشكل كبير في ضوء الخطط الاقتصادية الطموحة لدى الطرفين.

اتفاق تجارة حرة على الأبواب

من أبرز الملفات المطروحة على طاولة القمة، هو الاتفاق التجاري المرتقب بين بريطانيا ودول مجلس التعاون الخليجي، فقد أعلنت الحكومة البريطانية مؤخراً عن قرب التوصل إلى صيغة نهائية لاتفاق تجارة حرة، من المتوقع أن يحدث نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية، وفقًا للأمين العام للغرفة التجارية.

تقديرات الحكومة البريطانية تشير إلى أن توقيع الاتفاق قد يرفع حجم التبادل التجاري بنسبة تصل إلى 16%، ما قد يضيف نحو 8.6 مليار جنيه إسترليني سنويًا إلى الاقتصاد البريطاني بحلول عام 2030.

مشاريع مبتكرة وفرص غير مستغلة

وفي هذا السياق، قال الأمين العام لغرفة التجارة العربية البريطانية، بندر علي رضا، أن القمة تشهد عروضاً لمشاريع اقتصادية مبتكرة وخطط استثمارية طموحة، تشمل مجموعة واسعة من القطاعات.

وأكد  بندر على، أن هناك إمكانات غير مستغلة بين الجانبين، يمكن تفعيلها لتعزيز الشراكة، خاصة مع تسارع معدلات النمو الاقتصادي في العديد من الدول العربية، وفقًا لما ذكرته منصة الاقتصادية.

وأشار الأمين العام لغرفة التجارة العربية البريطانية، إلى أن اتفاق التجارة الحرة المرتقب سيمثل دفعة قوية للمصدرين، كاشفًا عن مبادرات لتسهيل وصول الشركات إلى الفرص الخفية، خاصة في القطاع العقاري، حيث تقدر قيمة المشاريع الخليجية القائمة بأكثر من 1.68 تريليون دولار.

الاستثمارات الخليجية في قلب لندن

تعكس الاستثمارات الخليجية في بريطانيا حجم الثقة المتبادلة، ووفقًا لتقرير صادر عن بنك لندن والشرق الأوسط، بلغ حجم الاستثمارات الخليجية في سوق العقارات التجارية بالمملكة المتحدة أكثر من 4 مليارات دولار، منها 2.35 مليار دولار تم ضخها في عام 2023 فقط.

كما أشار التقرير إلى نمو واضح في الاستثمارات الموجهة إلى سكن الطلاب، مدفوعًا بزيادة أعداد الطلاب الخليجيين في الجامعات البريطانية، وهو ما يفتح آفاقاً جديدة أمام المستثمرين في القطاعات التعليمية والخدمية.

شراكات نوعية في مشاريع التحول الكبرى

تلعب الشركات البريطانية دورًا بارزًا في المشاريع العملاقة التي تشهدها السعودية حالياً، مثل مشروع "نيوم"، والبحر الأحمر، و"فلاجز القدية"، فقد قدمت المملكة المتحدة تمويلًا مرابحيًا بقيمة 700 مليون دولار لتمويل مشروع "ستة فلاجز القدية"، عبر وكالة تمويل الصادرات البريطانية، بشرط توريد الخدمات والسلع من شركات بريطانية.

هذا التعاون يتسق مع رؤية السعودية 2030، التي تستهدف تنويع الاقتصاد وتحويله إلى اقتصاد قائم على المعرفة، ما يعتبر فرصة ذهبية للشركات البريطانية المتخصصة في الطباعة ثلاثية الأبعاد، البناء المستدام، وتكنولوجيا احتجاز الكربون.

آفاق جديدة في التكنولوجيا والصناعات الإبداعية

لم تعد فرص التعاون تقتصر على القطاعات التقليدية، بل تمتد إلى الصناعات الإبداعية، التكنولوجيا الرقمية، الرعاية الصحية، والتكنولوجيا الحيوية.

ففي عام 2021، التزمت الإمارات بضخ 10 مليارات دولار في مشاريع التكنولوجيا والبنية التحتية وتحول الطاقة في بريطانيا، ضمن شراكة استثمارية سيادية تهدف إلى خلق أثر بعيد المدى في القطاعات الحيوية، وفقًا لما أعلنته وزارة التجارة الدولية البريطانية.

منصة عملية لبناء تحالفات المستقبل

وأوضح الأمين العام لغرفة التجارة العربية البريطانية، أن أجمع القائمون على القمة أن الهدف الأساسي هو بناء شراكات استراتيجية دائمة، تمكن رواد الأعمال والمستثمرين من التوسع في أسواق واعدة وديناميكية.

وستتيح القمة فرصاً حقيقية للشركات الراغبة في اكتشاف أسواق جديدة، والالتقاء بنظرائها العرب والبريطانيين، ما قد يؤدي إلى عقد صفقات وتحالفات اقتصادية طويلة الأمد.

ويؤمل بندر أن تسهم نتائج القمة في تحقيق طفرة في حجم ونوعية العلاقات الاقتصادية بين المملكة المتحدة والعالم العربي، بما يعزز من فرص النمو المشترك وسط التغيرات الاقتصادية العالمية المتسارعة.

إن قمة لندن الاقتصادية ليست مجرد حدث رمزي للاحتفاء بخمسين عاماً من العلاقات، بل هي منصة عملية لصناعة مستقبل اقتصادي مشترك يقوم على التفاهم، وتكافؤ المصالح، والاستفادة من الفرص الاستراتيجية في بيئة عالمية لا تعرف الثبات.

 وبقدر ما تبنى جسور التجارة، بقدر ما يعاد رسم ملامح الصداقة بين الشعوب.

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافه لتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search