الثلاثاء، 17 يونيو 2025

05:37 م

ثورة في المختبرات، الذكاء الاصطناعي يقود تطوير الأدوية

الثلاثاء، 17 يونيو 2025 01:01 م

الذكاء الاصطناعي يقود تطوير الأدوية

الذكاء الاصطناعي يقود تطوير الأدوية

تحليل/ ميرنا البكري

في وقت العالم كله يتحدث عن الذكاء الاصطناعي في السيارات، هناك صناعة أخرى تحدث بها طفرة ينخفض صوتها، لكنها أخطر وأهم وهي صناعة الأدوية، فالذكاء الصناعي لا يساعد في تحليل البيانات، بل يصبح لاعبًا أساسيًا في تصميم أدوية جديدة، واختبارها، وتسويقها، وحتى في مراقبة تأثيرها بعد نزولها السوق.

وهو ما يجعلنا نسأل:- هل نحن أمام نقلة حقيقية قد تختصر سنوات البحث الدوائي في شهور؟ وهل شركات الأدوية تستطيع أن توازن بين السرعة والأمان؟ أم الذكاء الصناعي سينتج أدوية غير مفهومة، وقد تصبح في خطر؟

هل يغير الذكاء الاصطناعي مستقبل علاج الأمراض النادرة؟ - الاتحاد للأخبار
تطوير الأدوية باستخدام الذكاء الاصطناعي

 

الذكاء الاصطناعي يدخل صناعة الأدوية

في الماضي، كان تطوير الدواء يعتمد على تجارب ومعامل وعمل يستغرق سنوات، وكل شيء  يتبع مبدأ “نجرب ونرى”، لكن الآن، الذكاء الاصطناعي دخل بقوة في الصورة، وأصبح يحلل بيانات ضخمة جدًا (جينية، كيميائية، سريرية)، متوقعًا التفاعل بين المواد والمستقبلات في الجسم، ومكتشفًا لروابط بين الأمراض وأسبابها، أي ببساطة الماكينة أصبحت تفكر مثل العالِم، لكن أسرع منه مليون مرة.

 

من 4 سنوات لـ12 شهر فقط

الذكاء الاصطناعي لا يساعد فقط، بل يختصر وقت التطوير بشكل غير طبيعي، وتجربة شركة Exscientia البريطانية توضح ذلك بوضوح، حيث طورت مركب دوائي كامل في 12 شهرًا، بدلًا استغراقه لحوالي 4 سنوات، وذلك باستخدام خوارزميات ذكية تصمم الدواء وتحدد فعاليته.

والمفاجأة! أن قالت مؤسسة ITIF الأمريكية، إن الذكاء الاصطناعي قادر على تقليل وقت تصنيع واختبار الدواء بنسبة 50%، كما وفرت للصناعة 26 مليار دولار سنويًا، وقللت تكلفة التجارب السريرية بـ28 مليار دولار، ما يدل على أنه لا يتم اختصار الوقت فحسب، بل أيضا يتم توفير أموال تكفي لتطوير أدوية لعشرات الأمراض الجديدة.

 

الذكاء الاصطناعي لا يخترع فقط، بل يعيد الاستخدام

وليس كل الاكتشافات تبدأ من الصفر، فالذكاء الاصطناعي يستطيع أن يرى الأدوية القديمة من زاوية جديدة، مثل دواء Ozempic، والذي تم تطوريه لمرض السكري، حيث اكتشفوا من خلال الذكاء الصناعي أنه مفيد للسمنة، كما أنه تحول لتريند عالمي.

وهذا يعني أن الذكاء الصناعي، لا يخترع دواءً جديدًا فقط، بل يعيد توظيف ما هو موجود بشكل ذكي، وذلك قد يفتح باب لأرباح خرافية لشركات الأدوية، وأيضًا يسرع وصول علاج للناس.

 

الجهات التنظيمية تقول “أهلاً وسهلًا”

ورغم كل ذلك التقدم، فإن الجهات التي تنظم صناعة الدواء  لا تترك الأمور مفتوحة، FDA الأمريكية والوكالة الأوروبية EMA يقولوا، “استخدموا الذكاء الاصطناعي، لكن لابد أن تثبتوا كل خطوة، وكل سطر من الكود، وكل مصدر للبيانات”.

فمن الضروري أن يخضع كل نظام ذكاء اصطناعي لتقييم “مبني على المخاطر”، وأيضًا لابد من توضح بنية النموذج، ومصادر البيانات، وتاريخ التدريب، وتحليل الأداء، كما أنه من المهم أن يكون هناك شفافية، خاصةً لو كانت الخوارزمية من نوع "الصندوق الأسود"، وباختصار، الذكاء الصناعي مرحب به، لكن بشرط أن يكون واضحًا، قابلًا للتدقيق، وغير منحاز.

 

اقرأ أيضًا: 

دواء من تصميم خوارزمية، الذكاء الاصطناعي يقتحم صناعة الأدوية

توقعات بوصول الأدوية المطورة بالذكاء الاصطناعي إلى الأسواق بحلول 2030

Picture background

 

التحديات الاقتصادية ليست قليلة

ورغم الطفرة، فإن هناك تحديات تواجه الصناعة، من نقص الكوادر التي تجمع بين العلم والذكاء الاصطناعي، وقوانين البيانات الصارمة التي قد تعطل الوصول لبيانات صحية ضرورية، ومقاومة بعض الجهات لاستخدام تقنيات "غامضة"، في صناعة حرجة مثل الأدوية.

لكن من جانب آخر هناك فرص، فالدول التي تستثمر مبكرًا في دمج الذكاء الاصطناعي، ستكسب عن سوقٍ واعدٍ، كما أنها ستقلل التكلفة، ما سيجعل الأدوية أرخص وأسهل في الوصول للدول النامية، حيث ستزداد المنافسة، بما يجعل الابتكار أسرع.

 

النتائج

1. الشركات التي ستتأخر في تبني الذكاء الاصطناعي، ستخرج من السباق.

2. تكلفة تطوير الدواء، قد تنخفض بنسبة 30-40% خلال الـ5 سنوات المقبلة.

3. أول دواء بالكامل من تصميم خوارزمية، قد يصل السوق قبل 2030.

4. البنية التشريعية لابد أن تواكب التطور، وإلا الصناعة ستتراجع.

ختامًا، نحن ليس أمام تحديث بسيط في صناعة الأدوية، بل نحن أمام إعادة اختراع ذكاء اصطناعي يصمم، ويحلل، ويختبر، ويسوق للأدوية بشكل أسرع وأرخص وأدق، لكن لكي تكمل هذه الثورة، من الضروري أن يكون هناك تنظيم ذكي لا يقتل الابتكار، استثمارات في الكوادر، وشفافية تكسب ثقة الناس.

Short Url

search