الشرق الأوسط الرابح الأكبر من اضطرابات صناعة السيارات العالمية
الثلاثاء، 17 يونيو 2025 12:02 ص

صناعة السيارات
في الوقت الذي تعصف فيه النزاعات التجارية بالعلاقات الاقتصادية بين القوى الكبرى، تشهد صناعة السيارات العالمية حالة من التحول الجذري، فموجات الرسوم الجمركية الأميركية التي تستهدف سيارات أوروبا وأسيا، تفرض تحديات غير مسبوقة على الشركات المصنعة، إلا أن هذا الزلزال الجيو اقتصادي، فتح ثغرة في جدار الأزمة، ثغرة أطل منها المستهلك في الشرق الأوسط كأكبر الرابحين.

منطقة محصنة في عاصفة تجارية
فبينما تدور الحروب الجمركية في واشنطن وبروكسل وطوكيو، تظل أبوظبي والرياض ودبي في منأى عن العاصفة، بل تتحول إلى ملاذ استراتيجي لصناع السيارات الباحثين عن أسواق مستقرة، لتصريف فائض إنتاجهم.
وهذا الانفتاح التجاري الإقليمي الخالي من حواجز جمركية يعيق التدفقات، ويجعل من الشرق الأوسط بيئة خصبة لنمو سوق السيارات، ويمنح المستهلكين خيارات أوسع، وأسعارًا أكثر تنافسية، خصوصًا في فئات السيارات الفاخرة والشعبية.
اقرأ أيضًا:
ستروين C4X، مصر تستهدف إنتاج 240 ألف سيارة خلال 5 سنوات
اليابان وكوريا تغيران البوصلة
الشركات اليابانية، التي تسيطر على ما يصل إلى 60% من بعض أسواق المنطقة، تجد نفسها مضطرة لإعادة رسم خريطة صادراتها، ومع تراجع الجاذبية الأميركية، يتجه الصانع الياباني نحو الخليج، حيث الطلب متنوع والتعقيدات التنظيمية أقل، السيناريو ذاته ينطبق على الشركات الكورية، التي بدأت تضخ نماذجها الحديثة بشكل مكثف في معارض السيارات الخليجية.

من قوائم الانتظار إلى التسليم الفوري
ولعل أبرز التغيرات، تلوح في سوق السيارات الفاخرة، فبينما كانت الإمارات والسعودية تستورد هذه الفئة بعد أشهر من إطلاقها في الغرب، فإن تباطؤ الطلب الأميركي نتيجة الرسوم يغير المعادلة.
والسيارات التي كانت مخصصة لأسواق أميركا، باتت تتجه للخليج مباشرة، ما يعني فترة انتظار أقصر، ومعروض أكبر، وربما أسعار أقل، وهي أخبار تبعث السرور في قلوب محبي العلامات الفاخرة من مرسيدس إلى بنتلي.
ارتفاع كلفة الإنتاج الأميركي
والتعقيدات الجمركية بين الولايات المتحدة وجيرانها في اتفاقية نافتا المعاد صياغتها USMCA، تضرب خطوط الإنتاج الأميركية في مقتل، فارتفاع تكلفة المكونات المستوردة من كندا والمكسيك، يؤدي إلى رفع أسعار السيارات المصنعة في أميركا الشمالية، ما يضعف من جاذبيتها في الأسواق العالمية، بما في ذلك الشرق الأوسط، مقارنةً بالمنافسين من أوروبا وأسيا.
اقرأ أيضًا:
سوق السيارات المصري يسجل ارتفاعًا يتجاوز 14% خلال العام الجاري
الصين.. اللاعب الصاعد بلا منازع
لكن التحول الأكثر دراماتيكية تقوده الصين، والتي باتت تُعد الفيل الذي لا يمكن تجاهله في غرفة صناعة السيارات، فمن حصة سوقية شبه معدومة قبل سنوات قليلة، قفزت العلامات الصينية، إلى ما يتجاوز 20% من السوق الإقليمية بحلول عام 2024.
ومع منعها من دخول الأسواق الغربية بفعل السياسات الحمائية، توجهت بقوة إلى الشرق الأوسط، مدعومة بمصانع عالية الكفاءة، ودورات تطوير سريعة، وتسعيرٍ مغرٍ.

الوكلاء تحت الضغط
وبينما يحتفل المستهلكون بالمكاسب، يجد وكلاء السيارات أنفسهم، في مواجهة معادلة أكثر تعقيدًا، زيادة المعروض، وانخفاض الأسعار، وتراجع الهوامش الربحية.
وفي ظل هذا المناخ الجديد، يصبح الابتكار في خدمات ما بعد البيع، والتحول الرقمي، والقدرة على التكيف، عناصر حاسمة للبقاء، ومن لا يواكب هذا التغير، يخرج من السباق.
اقرأ أيضًا:
شعبة السيارات تكشف لـ«إيجي إن» مصير الأسعار بعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية
عصر جديد يتشكل في صالات العرض
إن ما يحدث في كواليس السياسة التجارية العالمية لا يبقى في واشنطن أو بكين، بل يُترجم مباشرةً إلى فرص وتحديات في صالات عرض السيارات في الشرق الأوسط، فبينما تُغلق أسواق، تُفتح أخرى، وبينما تتقلص هوامش الربح هناك، تزدهر هنا.
وهذه ليست مجرد لحظة مؤقتة، بل هي فرصة لإعادة التموضع، وبناء مستقبل جديد لصناعة السيارات في المنطقة، والمستهلك الخليجي؟ أصبح اليوم في موقع القوة، يُفاوض من يملك التكنولوجيا، والسعر، والخدمة الأفضل، في سباق المستقبل، الشرق الأوسط بات خلف المقود.
Short Url
المهارة أهم من الخبرة، «GenAI» يعيد تشكيل سوق العمل
16 يونيو 2025 04:21 م
حروب الدرونز، الطائرات بدون طيار تقلب الموازين العسكرية في العالم
16 يونيو 2025 02:52 م
حرب الإنفاق العسكري، من يتفوق وسط وابل الصواريخ؟
16 يونيو 2025 12:12 م


أكثر الكلمات انتشاراً