العملات المشفرة تطرق أبواب الأحياء الفقيرة، حي أفريقي يستخدم بيتكوين للدفع

الثلاثاء، 17 يونيو 2025 02:50 ص

العملات المشفرة

في تحول لافت وغير متوقع، بدأت عملة البيتكوين، المشفرة واللامركزية، في شق طريقها إلى أحد أكبر الأحياء الفقيرة في أفريقيا، لتتحول من أصل رقمي عالمي إلى وسيلة يومية للدفع والادخار لدى مئات من سكان سويتو ويست، أحد أحياء كيبيرا العشوائية في العاصمة الكينية نيروبي.

وتجري هذه التجربة، التي قد تبدو للبعض وكأنها تكنولوجية مستقبلية، اختبارًا واقعيًا على الأرض لمدى قدرة العملات المشفرة على خدمة المجتمعات المحرومة من الخدمات المصرفية التقليدية.

بيتكوين في قلب كيبيرا.. تجربة غير مألوفة

على جانبي الطرق المزدحمة في كيبيرا، ستجد أكشاكًا تبيع الخضروات، ليس بمبالغ نقدية فحسب، بل بعملة البيتكوين، ويستخدم حوالي 200 شخص في منطقة سويتو ويست، هذه العملة المشفرة يوميًا، في ظاهرة بدأت منذ عام 2022 كجزء من مبادرة تقودها شركة التكنولوجيا المالية الكينية AfriBit Africa، ووفقًا لتقرير نشره موقع dailystar.

أوضح موقع dailystar، أن هذه المبادرة تهدف إلى إدخال أدوات التمويل الرقمي في واحدة من أكثر مناطق كينيا فقرًا وتهميشًا مصرفيًا، عبر تقديم البيتكوين كبديل للأنظمة المالية التقليدية التي تتطلب وثائق وشروطًا قد لا تتوفر لكثيرين.

الفكرة وراء المبادرة

وفي هذا السياق، قال روني مداويدا، المؤسس المشارك لـ AfriBit Africa والعامل المجتمعي السابق، إن عملة البيتكوين يحرر الناس من متطلبات الأنظمة البنكية التقليدية، ويوفر لهم مدخلًا إلى ما يسميه الحرية المالية.

وأكد مداويدا، أن المبادرة ضخت نحو 10 آلاف دولار من البيتكوين في المنطقة، مشيرًا إلى أن النظام الذي أسسته المنظمة، يعتمد على منح مالية بالبيتكوين تقدم إلى جامعي القمامة المحليين، في محاولة لتحفيزهم على استخدام العملة الرقمية والادخار من خلالها.

استخدامات يومية ومجتمعية

وقال داميانو ماجاك، جامع قمامة يبلغ من العمر 23 عامًا ويعمل أيضًا كبائع أغذية، إنه يفضل البيتكوين على منصة الأموال عبر الهاتف المحمول السائدة في كينيا M-PESA، بسبب الرسوم العالية والبطء في المعاملات.

كما توفر شبكة Lightning bitcoin المستخدمة عبر منصة AfriBit معاملات مجانية وسريعة.

وهو ليس الوحيد، فقد بدأت بعض المتاجر وأصحاب الدراجات النارية في قبول المدفوعات بالبيتكوين، وتؤكد بائعة الخضراوات دوتيا أنيم أن نحو 10% من زبائنها يستخدمون العملة المشفرة للدفع.

ثقة كبيرة مقابل تقلبات خطرة

ورغم الحماسة الظاهرة، فإن الواقع لا يخلو من التحديات، في كيبيرا، يكسب العديد من السكان أقل من دولار يوميًا، يقول بعض المستخدمين إنهم يخزنون ما بين 70% إلى 80% من ثرواتهم في البيتكوين، وهي نسبة خطيرة نظرًا للتقلبات الكبيرة التي تشهدها أسعار العملة.

وحذر علي حسين قاسم، رئيس تحالف التكنولوجيا المالية في كينيا، من أن تعريض مجتمعات فقيرة لمثل هذا الأصل المتقلب قد يحمل عواقب وخيمة، مضيفًا أنه لا يستطيع تحمل خسارة 80% من ثروته، فماذا عن شخص يعيش على دولار يوميًا؟.

ويرى قاسم، أن البيتكوين لا تزال تفتقر إلى التنظيم وشبكات الأمان المالي، مما يجعلها غير مناسبة كحل مالي لمجتمعات ضعيفة كهذه.

الوعي والتدريب.. سلاح المبادرة في مواجهة الانتقادات

في مواجهة هذه الانتقادات، تصر AfriBit Africa على أن مشروعها لا يروّج للعملة المشفرة كاستثمار، بل كأداة تمكينية للمجتمع، وتقول المنظمة إنها تقدم دورات تدريبية في الثقافة المالية والتشفير لسكان سويتو، بهدف رفع وعيهم وفهمهم لتقنيات البلوكشين والمخاطر المرتبطة بها.

أغنى 10 مليارديرات بعالم العملات الرقمية

الدرس العالمي.. البيتكوين ليس للجميع؟

وعلى الرغم من تبني دول مثل السلفادور وجمهورية أفريقيا الوسطى لعملة البيتكوين كعملة قانونية، إلا أن التجربة لم تستمر طويلًا، وتراجعت الدولتان لاحقًا بسبب التحديات الاقتصادية والتنظيمية المرتبطة بالتقلبات الحادة في القيمة.

بين الحلم والواقع

ويعيش سكان كيبيرا تجربة مالية فريدة من نوعها، بين وعود البيتكوين بالتحرر المالي وبين مخاطرها كسوق غير منظم، وبينما يرى البعض فيها بارقة أمل للتحرر من الفقر، يرى آخرون أنها مقامرة باقتصاد المجتمعات الأكثر هشاشة.

ويبقى السؤال، هل تمثل هذه المبادرة نموذجًا يحتذى به لتعميم الشمول المالي عبر العملات المشفرة؟ أم أنها مجرد تجربة محفوفة بالمخاطر قد تترك أثرًا عكسيًا على من لا يملكون شيئًا ليخسروه؟.