الإثنين، 16 يونيو 2025

11:49 م

نمو التجزئة في الصين 6.4%، هل هو بداية انتعاش حقيقي أم مجرد شعاع في عتمة الأزمة؟

الإثنين، 16 يونيو 2025 12:54 م

جمهورية الصين الشعبية

جمهورية الصين الشعبية

تحليل/ ميرنا البكري

في الوقت الذي تحاول فيه الصين تستعيد زخمها الاقتصادي بعد سنوات من القيود والضغوط، ظهرت بيانات جديدة ترسم صورة معقدة ومتناقضة من جانب المستهلك الصيني الذي عاد للشراء بقوة، هل هذه بداية تعافي حقيقي؟ أم مجرد ارتداد مؤقت وسط أزمة بنيوية أعمق؟ سنوضح المشهد في هذا التحليل.

China to be World's Largest Retail Market in 2019 - China Briefing News
قطاع التجزئة الصيني

 الاستهلاك يعود مرة أخرى، والمفاجأة فوق التوقعات

مبيعات التجزئة في مايو زادت بنسبة 6.4% على أساس سنوي، وهو أعلى نمو من ديسمبر 2023، ويتجاوز أيضًا  كل التوقعات التي كانت تقول 5%.

هذا يعني إن المستهلك الصيني بدأ يرجع للإنفاق مرة أخرى بعد فترات من الحذر والتقشف، وهناك تعافي جزئي في الطلب المحلي، وذلك مؤشر مهم إن هناك "روح تفاؤل" بدأت ترجع  للسوق، هل هذا كافي أن يتحمل عبء الاقتصاد كله؟

الصناعة تتباطأ، رغم أنها لا تزال مستمرة في العمل

الإنتاج الصناعي زاد في مايو بنسبة 5.8%، وهذا جيد إلى حد ما، لكنه أبطأ من أبريل الذي كان 6.1%، وأيضًا أقل من التوقعات (5.9%)، أي هناك مصانع تعمل، وهناك إنتاج مستمر لكن الزخم يقل. قد يكون سببه ضعف الطلب الخارجي أو تكاليف الإنتاج أو حتى عدم اليقين الاقتصادي الذي لايزال موجود.

الصناعة ليست منهارة، بل تحتاج دفعة قوية لكي تستمر

قطاع العقارات، القصة التي لم تتعافى بعد

تظهر الكارثة الحقيقية في البيانات الجديدة، حيث تراجع الاستثمار العقاري بنسبة 10.7% من بداية العام حتى مايو، وهبطت مبيعات العقارات (بالمساحة) بحوالي 2.9%، كما تراجع بدء مشاريع جديدة بنسبة ضخمة 22.8%، وتراجع التمويل العقاري لمطوري العقارات بنسبة 5.3%.

هذه كلها أرقام تعكس إن سوق العقارات مازال في مرحلة "نزيف"، وليس له أي مؤشرات تعافي حتى الآن، وهذا خطر كبير على اقتصاد الصين، لأن هذا القطاع يشكل حوالي ربع الاقتصاد الصيني.

لماذا يمر سوق العقارات بأزمة حادة؟

الثقة في السوق ضعيفة جدًا، والمطورين لا يجدوا تمويل كافي، والبنوك متحفظة، والطلب في تراجع شديد، خاصةَ في المدن الثانية والثالثة، مما يجعل الناس تأجل قرارات الشراء والاستثمار، أي حتى إذا خففت الدولة القيود، الأزمة مازالت متجذرة ومرتبطة بثقة المستهلك والمستثمر.

اقرأ أيضًا: 

بمعدل نمو 8.17%، الصين تعيد كتابة قواعد التجزئة وتقترب من 3.1 تريليون دولار في 2030

العقار في الصين، العملاق الجريح على أعتاب عام مصيري

كيف تؤثر أزمة العقارات في الصين على الاقتصاد العال...
أزمة العقارات في الصين

 استثمار الأصول الثابتة، ليس بنفس القوة

الاستثمار في البنية التحتية والمشروعات الصناعية زاد بنسبة 3.7% من يناير لمايو، وذلك أقل من التوقعات (3.9%)، وأيضًا أقل من نمو الشهور التي تسبقها (4%)، أي حتى الإنفاق الحكومي والاستثماري لا يستطيع أن يعوض تراجع العقارات.

أوضحت البيانات الاقتصادية  الأخيرة تفاوت كبير بين القطاعات. مبيعات التجزئة قفزت بشكل قوي وسجلت نمو 6.4%، وذلك كان أعلى من التوقعات التي كانت 5%، وهذ يعني إن الناس بدأت تصرف أكتر. لكن على الجانب الآخر، الإنتاج الصناعي جاء أقل من المتوقع، سجل 5.8% بدلًا من 5.9%، مما يبين إن هناك تباطؤ بسيط في الصناعة. كما إن الاستثمار في الأصول ارتفع 3.7%، أقل من التوقعات التي كانت 3.9%، أي مازال هناك حذر في ضخ الفلوس في المشاريع. أما الاستثمار العقاري، فالوضع سيئ جدًا، تراجع بنسبة 10.7%، وهذ تراجع كبير ومستمر من فترة. وكأيضًاتمويل العقارات تراجع 5.3%،  مما يؤكد إن الأزمة في العقارات ليس مستمرة، بل تضغط على التمويل والبنوك.

 توقعات وتحليل، الصين تحتاج إعادة توازن

من الواضح  إن الاستهلاك أصبح المحرك الأساسي للتعافي الآن، ولكن ذلك غير كافي بمفرده، والقطاع العقاري لا يتعافى قريبًا، وهذا يعني خطر على البنوك والوظائف والاستثمار.

الحكومة الصينية غالبًا ستزود الإنفاق على البنية التحتية، وتحاول تضخ سيولة في السوق العقاري، لكن تنفذ ذلك بحذر جدًا  لكي لا تخلق فقاعة جديدة.

ختامًا، تسير الصين على خيط رفيع بين التعافي والانكماش ولديها  إشارات إيجابية (مثل الاستهلاك)،  ومشاكل هيكلية (كـ العقارات)، وأي خطة تعافي لابد أن تكون متوازنة فتعطي دفعة للطلب الداخلي، وتصلح التشوهات التي في سوق العقارات، دون أن تقع في فخ التيسير المفرط.

Short Url

showcase
showcase
search