الخميس، 12 يونيو 2025

09:03 م

«دموع الوداع فى الحرم»، الحجاج يغادرون مكة بقلوب مفعمة بالإيمان

الأربعاء، 11 يونيو 2025 03:07 م

دموع الوداع فى الحرم

دموع الوداع فى الحرم

دنيا عبدالرازق

في أجواء روحانية تغمرها المهابة والخشوع، اختتم الحجاج مناسكهم بأداء طواف الوداع، مودعين بيت الله الحرام بقلوب دامعة وألسنة لا تزال تلهج بالدعاء.

أنهوا رحلتهم الإيمانية التي بدأت برغبة عميقة واستجابة لنداء داخلي، لتُتوج بأداء أركان الحج من رمي الجمرات، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، وبينما كانت أقدامهم تسير في ختام الطواف، كانت قلوبهم تتأرجح بين الفرح والحنين، تفيض بخشوع لا توصف.

توثيق اللحظات الأخيرة تشوش على جلال اللحظة

غمرت السكينة أرجاء الحرم المكي، فى مشهد الحجاج يطوفون حول الكعبة المشرفة وقد اختلطت دموعهم بدعواتهم، رسم لوحة روحانية مهيبة ستظل راسخة في الذاكرة. لم تكن الهواتف التي استخدموها لتوثيق اللحظات الأخيرة تشوش على جلال اللحظة، بل بدت كأنها محاولة لحفظ صورة من الجنة في ذاكرة الدنيا.

عبر الكثير من الحجاج عن امتنانهم لأن من الله عليهم بأداء هذه الفريضة، متضرعين إليه أن يتقبل حجهم، وأن يرزقهم العودة مرات ومرات إلى هذه البقاع المقدسة، وقد اختلطت خطواتهم المتأنية وهم يدورون حول الكعبة بقلوب تفيض بالمحبة، وكأن أرواحهم تتشبث بستارها، تتودعها بكلمات صامتة وهمسات متبتلة.

لحظات طواف الوداع لم تكن مجرد شعيرة ختامية، بل كانت فصلا عاطفيا عميقا من رواية الحج، يودع فيه الحجاج مكانا شهد بكاء وطمانينة ، وارتقى فيه بروحه إلى مراتب الصفاء ،كان الوداع مؤلما، لكنه مفعم بالرضا، كأنهم يغادرون وقد غسلوا أرواحهم من أدران الحياة.

بدا أن الكعبة تفتح ذراعيها لتحتضن الزائرين

بدا أن الكعبة، في تلك اللحظات، تفتح ذراعيها لتحتضن الزائرين، كأنها تربت على قلوبهم قبل الفراق، حيث بكى البعض في صمت، وآخرون رفعوا أيديهم بالدعاء، وآخرون اختاروا السكون، يتركون لقلوبهم أن تبوح بما عجز اللسان عن قوله.

فى كل شوط من الأشواط السبعة، ترددت في الأذهان مشاهد الرحلة منذ لحظة الوصول إلى مكة، ومنذ أول تهليل وتلبية، وبينما تسير الأقدام على بلاط الحرم، كانت الأرواح تحلق في سماء الإيمان، تتذوق طعم القرب من الله، وتشعر وكأنها تعيش لحظة من الجنة.

لم يقتصر المشهد على الرجال، بل كان للنساء دورهن الحاضر بقوة، يطفن بخشوع ودموعهن تنساب وهن يقرأن القرآن ويدعون بالمغفرة والقبول، حتى الأطفال الذين قد لا يدركون عمق الموقف، بدت على وجوههم الدموع والدهشة، وكأنهم يشهدون مشهدًا خارج حدود الزمن.

امتزج صوت الدعاء بتلاوة القرآن، وترددت أصداء الآيات في جنبات الحرم، حتى خيل للمرء أن الزمن قد توقف إجلالا لهذه اللحظات ، ورغم استخدام الهواتف لتوثيق المشاهد، بقي الهدوء سيد المكان، وكأن كل حاج يسعى لالتقاط آخر لمحة من الكعبة المباركة.

وبينما أسرع البعض في طوافه، اختار آخرون التمهل، متأملين تفاصيل الكعبة والحجر الأسود ومقام إبراهيم، وكأنهم يسجلون هذه التفاصيل في أرواحهم، لا صور هواتفهم.

 

طواف الوداع ليس مجرد شعيرة، بل هو رسالة وداع يكتبها القلب قبل الجوارح

إن طواف الوداع ليس مجرد شعيرة، بل هو رسالة وداع يكتبها القلب قبل الجوارح، يحمل فيها دعواته، وأمانيه، وكل ما لم يستطع البوح به، البعض ودع الكعبة بدعاء لمن يحب، وآخرون بكوا على ما فاتهم، وجميعهم حملوا أماني العودة.

وسط هذا الطوفان الروحي، كانت فرق التنظيم تؤدي دورها بإتقان، حيث وفرت سبل الراحة والانسيابية، وحرص رجال الأمن والمتطوعون على تسهيل أداء المناسك، في مشهد يجسد الانضباط والتنظيم المذهل.

ومع اقتراب نهاية الطواف، بدأ الحجاج يستعدون للمرحلة التالية من رحلتهم، إلى المدينة المنورة، حيث الروضة الشريفة وقبر النبي محمد صلى اللة علية وسلم، ومع أن الشوق للمدينة كبير، فإن وداع مكة يبقى الأشد وقعا، فهو وداع الروح لموطنها الأسمى.

لقد كانت هذه اللحظات عابرة في الزمن، لكنها خالدة في وجدان كل من عاشها، لحظات وداع امتزجت فيها المشاعر، وغسلت فيها الأرواح، وعاد فيها الحاج إلى وطنه بقلب جديد وروح تتطلع للعودة، ودعاء لا يتوقف.

ومع انتهاء مناسك الحج، بدأت قوافل الحجاج المتعجلين في التوجه نحو المدينة المنورة، حيث تم إعداد خطط تفويج محكمة لضمان سلامة وراحة الحجاج، بتوفير حافلات مكيفة وإقامة مريحة قرب المسجد النبوي، لتسهيل الزيارة والصلاة في الروضة الشريفة.

إعداد برنامج شامل للزيارات الدينية

كما أعد برنامج شامل للزيارات الدينية، يشمل معالم المدينة كمسجد قباء، وجبل أحد، والبقيع. وتواكب هذا مع جهود كبيرة من بعثة الحج الرسمية المصرية، التي أكدت عبر مسؤوليها أن الحجاج بخير، وأن المتابعة مستمرة على مدار الساعة لضمان سلامتهم.

من جانبه، طمأن رئيس البعثة الطبية بأن الحالة الصحية للحجاج مستقرة، وأن الرعاية متوفرة، خاصة لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، مع تقديم نصائح وقائية للحماية من الإجهاد الحراري. أما البعثة الدينية، فواصلت دورها في تقديم التوعية والفتاوى للحجاج، رجالًا ونساء، بما يُسهم في تصحيح المفاهيم وتعزيز الفهم الشرعي السليم للمناسك.

وهكذا، يستكمل الحجاج رحلتهم، حاملين في قلوبهم ذكرى لا تنسى، ومشاعر لن تغيب، وعهدا في نفوسهم أن يعودوا يومًا ما إلى هذه الديار، في حج جديد، ولقاء آخر، أقل ألما، وأعمق طمأنينة.

اقرأ أيضًا:

مصر للطيران تسيّر غدًا 19 رحلة جوية لعودة حجاج بيت الله الحرام

بعد إتمام المناسك بمكة، تفويج الحجاج إلى المدينة المنورة وسط خدمات متميزة

Short Url

showcase
showcase
search