موسم الحج في السعودية، ركن إسلامي يتكئ على اقتصاد صاعد
الثلاثاء، 03 يونيو 2025 08:57 م

الحج
بين الروحانيات الجليلة ومشاهد التضرع في أطهر بقاع الأرض، تتشكل ملامح موسم الحج في السعودية، لكنه لا يقتصر على بعده الديني فقط، بل يتجاوز ذلك إلى كونه موسمًا اقتصاديًا فريدًا، بات يحتل موقعًا متقدمًا في خريطة تنويع الاقتصاد السعودي، بعيدًا عن النفط، ويعكس ملامح رؤية 2030 في أقصى تجلياتها.

الحج بالأرقام.. عودة ما قبل الجائحة
أحدث الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء كشفت أن عدد حجاج موسم 1445هـ (2024م) بلغ نحو 1.83 مليون حاج، منهم أكثر من 1.6 مليون من الخارج.
ومع احتساب المعتمرين على مدار العام، يصل الرقم إلى قرابة 18.5 مليون زائر ديني، في عودة قوية لمستويات ما قبل الجائحة.
ورغم أن عدد الحجاج لم يبلغ الذروة التاريخية المسجلة عام 2012 حين تجاوز الثلاثة ملايين، فإن التوسع في العمرة والخدمات الدينية على مدار العام عوض هذا الفارق، وفتح بابًا واسعًا أمام الاستدامة.
اقرأ أيضًا:
موعد صلاة عيد الأضحى المبارك 2025 في محافظات الجمهورية
بكل اللغات، «إيجي إن» توضح خريطة مناسك الحج (انفوجراف)
عائدات متصاعدة والحج قطاع خاص بامتياز
التقديرات الاقتصادية تشير إلى أن إيرادات الحج والعمرة تجاوزت حاجز 40 مليار ريال سعودي سنويًا (10.7 مليار دولار)، ومن المتوقع أن تتجاوز 50 مليار ريال مع استكمال مشاريع الرؤية أي ما يعادل 13.3 مليار دولار تقريبًا.
لكن اللافت أن الجزء الأكبر من هذه العائدات يذهب إلى القطاع الخاص، سواء عبر الفنادق وشركات النقل والخدمات، في حين تمثل الرسوم الحكومية نسبة محدودة، ما يدفع الحكومة إلى البحث عن أدوات تمويل جديدة لزيادة مساهمتها المباشرة في الموازنة العامة.

سياحة دينية بنمو مزدوج
السياحة الدينية لا تقف عند عتبة المشاعر المقدسة، بل تسري في عروق الاقتصاد الوطني، من الفنادق والمتاجر، إلى قطاع الأغذية والنقل، وتُظهر الأرقام أن مساهمة السياحة عمومًا ارتفعت من 3% من الناتج المحلي في 2019 إلى 5% في 2024، مع طموح للوصول إلى 10% بحلول نهاية العقد.
في هذا السياق، يُتوقع أن يشكل الحج والعمرة رأس حربة لهذا النمو، مدفوعين ببنية تحتية عملاقة، تشمل توسعة المطارات، وتطوير قطار الحرمين، ومئات آلاف الغرف الفندقية الجديدة.
من مكة إلى الأسواق العالمية
يعكس الإنفاق الفردي للحجاج نمطًا اقتصاديًا معولمًا، بباقات تبدأ من 10 آلاف ريال، وتصل إلى 40 ألفًا في بعض العروض الفاخرة، ما يعكس تحول الحج إلى صناعة خدمات متكاملة.
وتشير دراسات استهلاكية إلى أن 70% من إنفاق الحاج يذهب إلى الإقامة والنقل، فيما تحتل الهدايا والذهب والمأكولات حصة لا يستهان بها من ميزانية الزائر.
اقرأ أيضًا:
بالفيديو، تعرف على الخطوات القانونية لإصدار تصاريح الحج وعقوبات المخالفين
مناسك الحج والعمرة بشرط الالتزام بالقوانين و20 ألف ريال غرامة
مليونيات على الأرض وآلاف الفرص في الأفق
وراء كل حاج هناك سلسلة بشرية من العاملين والموظفين، تُقدر بأكثر من نصف مليون وظيفة مباشرة في السياحة الدينية، وتشير التقديرات إلى أن كل 100 ألف حاج يخلقون آلاف الوظائف الموسمية والدائمة، في الفنادق والمطابخ وشركات النقل والإشراف الصحي والأمني.
_1810_011233.jpg)
مستقبل الحج.. التكنولوجيا في خدمة الإيمان
تسعى المملكة لتوظيف التكنولوجيا في خدمة ضيوف الرحمن، من خلال تطبيقات ذكية مثل "نسك"، والتحول إلى النقل الكهربائي، واستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الحشود، ناهيك عن مشاريع التبريد العملاقة وتطوير الخدمات اللوجستية.
ومع التخطيط لاستقبال 30 مليون معتمر سنويًا بحلول 2030، تبرز الحاجة إلى حلول مبتكرة في إدارة الحرارة والازدحام ومرافق الإقامة والنقل، بما يربط بين الكفاءة الاقتصادية والكرامة الإنسانية.
التحديات.. مناخ وسعة واستدامة
رغم الإنجازات، تبقى تحديات كبيرة، أبرزها التعامل مع التغير المناخي ودرجات الحرارة المتزايدة، وتحديث البنية التحتية بوتيرة تواكب نمو الأعداد، وضمان استدامة العائدات عبر إعادة تدويرها في الاقتصاد الوطني، بدلاً من تسربها إلى خارج القطاعات الرسمية.
الحج ما بين الروح والرقم
في المحصلة، يُجسد الحج نموذجًا فريدًا من التكامل بين الدين والاقتصاد، بين القدسية والجدوى، بين الحشود الغفيرة والعوائد المليارية.
ومن منظور اقتصادي، لم يعد الحج موسمًا عابرًا، بل بات قصة تنموية متجددة ترويها المملكة كل عام، ضمن سردية التحول الوطني، الذي يجعل من ضيوف الرحمن شريكًا غير مباشر في نمو الاقتصاد السعودي.
Short Url
آبل بين مطرقة ترامب وسندان الصين، هل يصمد آيفون أمام العاصفة السياسية؟
05 يونيو 2025 10:49 ص
من بكين إلى الرياض، التغيرات الاقتصادية تهز أسواق العالم
04 يونيو 2025 07:12 م
ترشيد المياه مسؤولية الجميع، من التصميم إلى الاستهلاك
04 يونيو 2025 04:52 م


أكثر الكلمات انتشاراً