فرصة ذهبية وسوق واعدة، متى تطرق مصر أبواب «سياحة التقاعد»

الإثنين، 02 يونيو 2025 05:50 م

سياحة التقاعد

تمتلك مصر كنزًا من المقومات السياحية الطبيعية والتاريخية التي تجعلها واحدة من الوجهات المفضلة على مستوى العالم، غير أن بعض أنواع السياحة لا تزال خارج دائرة التفعيل الكامل، رغم أهميتها الاقتصادية، وعلى رأسها "سياحة التقاعد" أو ما يُعرف بسياحة كبار السن.

وبينما تتسابق دول مثل إيطاليا والبرتغال ومالطا والمغرب ودبي، لاستقطاب هذه الفئة، لا تزال مصر بحاجة إلى خطة وطنية متكاملة لتفعيل هذا النمط السياحي الواعد.

سياحة التقاعد.. ظاهرة عالمية متنامية

أصبحت سياحة التقاعد ظاهرة بارزة في العديد من الدول الأوروبية، خصوصًا في بلدان شمال وغرب أوروبا، حيث يتوجه المتقاعدون إلى الدول الدافئة والأرخص نسبيًا، مثل إيطاليا، واليونان، ومالطا، والبرتغال.

وفي الفترة الأخيرة، توسعت الوجهات لتشمل بلدانًا عربية مثل المغرب وتونس ودبي، حيث يقيم الآلاف من المتقاعدين الأوروبيين بصفة شبه دائمة.

خدمات مخصصة لكبار السن.. نموذج متكامل

تعتمد سياحة التقاعد على توفير حزمة خدمات متكاملة تراعي الاحتياجات الصحية والبدنية والعقلية للمتقاعدين.

وتشمل هذه الخدمات مرافق إقامة مخصصة، وسائل نقل آمنة، رعاية طبية قريبة، أنشطة اجتماعية وترفيهية وثقافية، بالإضافة إلى بيئة هادئة ومناخ معتدل، وتهدف هذه البرامج إلى تحسين جودة حياة المتقاعد وتوفير تجربة سفر آمنة وممتعة.

دبي نموذجًا عربيًا ناجحًا

في المنطقة العربية، تقود دبي نموذجًا رائدًا في هذا المجال عبر برنامج "التقاعد في دبي"، والذي يوفر إقامة مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد للمتقاعدين الأجانب ممن تتجاوز أعمارهم 55 عامًا، وفقًا لما ذكرته وكالة أنباء الأمارات “وام”.

ويشترط البرنامج توفير دخل شهري ثابت، قدره 20,000 درهم أي ما يعادل 5500 دولار أمريكي، يكتسبه من الاستثمارات أو المعاشات التقاعدية، أو وجود مدخرات مالية، بقيمة مليون درهم، أي ما يعادل 275000 دولار أمريكي، أو تملك عقارات في دبي بقيمة مليوني درهم أي حوالي 550000 دولار أمريكي.

ويأتي هذا البرنامج ضمن استراتيجية شاملة لتعزيز مكانة دبي كوجهة مثالية للعيش بعد التقاعد.

لماذا مصر؟.. مزايا تنافسية مغرية

وتمتلك مصر مزايا فريدة تجعلها وجهة مثالية لسياحة التقاعد، منها المناخ المعتدل معظم شهور السنة، وتكاليف المعيشة المنخفضة مقارنة بدول أوروبا والخليج، ووفرة المناطق السياحية الهادئة، إلى جانب الموقع الجغرافي القريب من أوروبا وآسيا وأفريقيا.

كما أن الأمن والاستقرار في كثير من المناطق السياحية يمثلان عامل جذب إضافي.

سيوة ومرسى علم وطابا.. وجهات مثالية لكبار السن

وتضم مصر مناطق سياحية يمكن أن تخصص كوجهات لسياحة التقاعد مثل واحة سيوة، التي تعتبر من أبرز مقاصد السياحة العلاجية بفضل رمالها العلاجية وبحيراتها الكبريتية، إلى جانب مدن مثل مرسى علم وطابا، التي توفر أجواء هادئة وطبيعة ساحرة، وهي من أهم العوامل التي يبحث عنها المتقاعدون.

تحديات تفعيل سياحة التقاعد في مصر

رغم المزايا التنافسية، تواجه مصر عدة تحديات في تفعيل هذا النمط السياحي، أبرزها غياب البنية التحتية المجهزة لاستقبال كبار السن، وضعف الترويج الدولي لهذا النوع من السياحة، وعدم وجود برامج حكومية أو خاصة مخصصة للمتقاعدين، إضافة إلى نقص في الخدمات الطبية والسكنية المناسبة في بعض المناطق السياحية.

حلول واقعية وخطة وطنية مقترحة

لتجاوز هذه التحديات، يجب وضع خطة وطنية تضم وزارات السياحة والصحة والطيران والخارجية، بالتعاون مع القطاع الخاص، لتصميم برامج سياحية متكاملة للمتقاعدين، تشمل إقامة طويلة الأجل وتأمين صحي وتأشيرات ميسرة.

كما ينبغي الاستثمار في البنية التحتية الصديقة لكبار السن، وتدريب العاملين على التعامل مع هذه الفئة، والترويج المكثف عبر الإنترنت ومنصات السفر العالمية.

نظرة مستقبلية.. فرصة اقتصادية واعدة

في ظل التغيرات الديموجرافية عالميًا وازدياد عدد كبار السن، تمثل سياحة التقاعد فرصة اقتصادية واعدة لمصر يمكن أن تدر دخلًا ثابتًا ومستدامًا، وتخلق فرص عمل جديدة في مجالات الرعاية والخدمات والترفيه.

وإذا ما تم استثمار هذه الفرصة بشكل استراتيجي، فقد تصبح مصر أحد أبرز الوجهات العالمية في هذا المجال.

الملف مفتوح.. فهل تتحرك مصر؟

سياحة المتقاعدين ليست رفاهية، بل قطاع استثماري واعد يتطلب نظرة بعيدة المدى وتعاونًا بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، حيث مصر تمتلك المقومات، لكن التحدي الحقيقي يكمن في تفعيل الرؤية وتحويلها إلى واقع ملموس.

Short Url

أخبار متعلقة