الأربعاء، 04 يونيو 2025

06:56 ص

في إطار تحسين أمن الطاقة، القطاع الخاص في صدارة مشروعات تغويز الغاز في مصر

الإثنين، 02 يونيو 2025 02:36 م

محطة تغويز بحرية

محطة تغويز بحرية

تحليل/ ميرنا البكري

في وسط ارتفاع الطلب المحلي على الغاز الطبيعي، وخصوصًا من قطاع الكهرباء، ومع تصاعد الضغوط في شهور الصيف، مصر بدأت تتحرك بخطة استباقية لكي تحمي نفسها من أي أزمة محتملة في الطاقة.

الخطة تبحث حول فكرة مهمة وهي محطة تغويز برية جديدة قد تُقام على البحر الأحمر أو المتوسط. لكن الموضوع أعمق من مجرد اختيار موقع، بل تحول استراتيجي، فمصر تأمن  احتياجاتها من الطاقة، خاصة بعد ما أصبحت "مستورد" وقت الحاجة، رغم إنها كانت تصدر قبل ذلك.

ما هو الغاز الطبيعي المُسال و ما هى خصائصه ؟ - بترونيوز
الغاز الطبيعي المسال

ماذا تعني محطة التغويز، ولماذا نحتاجها؟

محطة التغويز هي ببساطة المكان الذي يحول الغاز الطبيعي المسال (الذي يأتي في سفن متجمدة) لحالته الغازية مرة أخرى لكي تم ضخه في الشبكة القومية ويصل للمصانع، محطات الكهرباء، والبيوت.

الآن مصر تستخدم وحدات تغويز عائمة (FSRUs)، مثل الوحدة "هوج جاليون" النرويجية التي تم استئجارها قبل ذلك و"Energos Power" من شركة نيوفورتس الأمريكية التي تم الإتفاق عليها في مايو 2025.

لكن الآن الحكومة تفكر في إنشاء محطة تغويز برية دائمة ومستقلة، بدلًا من الاعتماد على وحدات عائمة قد تكون مكلفة ومؤقتة.

البحر الأحمر أم المتوسط؟ حسابات ليست جغرافية فقط

القرار بين البحر الأحمر أو المتوسط ليس موضوع جغرافي، لكن أيضًا كهناك اعتبارات لوجستية وتجارية:

1.فإذا تم إنشاءها على البحر الأحمر، ستكون قريبة من مصادر الاستيراد من الخليج وآسيا، مما يسهل الشحن والتفريغ.

2.ولو على المتوسط، يصبح أقرب لمحطات الإسالة القائمة مثل إدكو ودمياط، وسهل ربطها بالشبكة الموجودة.

3.القطاع الخاص نفسه، حسب التصريحات، يرجح البحر الأحمر كموقع مثالي، وهذا يعني إن هناك رؤية استراتيجية تتبلور وتتجه للمرونة والانتشار الجغرافي.

مصر تواجه تحديات الطاقة، استيراد الغاز المسال وحلول مبتكرة لتلبية الطلب المتزايد

رغم إن مصر لديها اكتشافات كبيرة مثل حقل "ظهر"، لكنها بدأت في استيراد الغاز المسال من أبريل 2024 بسبب زيادة ضخمة في استهلاك الكهرباء، وذلك واضح جدًا في الصيف الماضي عندما حدثت انقطاعات كثيرة. لذلك مصر استوردت غاز من خلال 60 شحنة من شل وتوتال، كما وقعت عقود مع شركات لتأجير وحدات تغويز عائمة، وفكرت في مشروع محطة برية ثابتة لكي تقلل التكاليف والمخاطر.

اقرأ ايضًا: 

رئيس الوزراء: سيكون لدينا 4 سفن تغويز خلال فصل الصيف المُقبل

خبير بترولي: مصر يمكنها تعظيم استثماراتها بتحويل محطات الإسالة لوحدات تغويز

مصر تجري محادثات لشراء 40 إلى 60 شحنة غاز مسال خلال 2025
مصر تواجه تحديات الطاقة

حوافز جديدة للإنتاج المحلي، لكن أين التحديات؟

وزارة البترول لا تترك الأمور تسير على نحو تلقائي، بل على العكس تمامًا، تتخذ خطوات حثيثة ومستمرة لإدارة الوضع بفعالية فقامت بعدة أمور منها: 

1وضعت جدول زمني لسداد مستحقات الشركاء الأجانب، وذلك خطوة مطمئنة للاستثمار.

2.سمحت لهم بتصدير جزء من حصصهم عبر محطات الإسالة، بشرط إن الكميات تكون إضافية.

3.عرضت تشتري الغاز منهم بأسعار أعلى من السوق المحلي، بشرط تكون مربحة لهم أيضًا إذا صدروا.

لكن هنا لازم لابد ان نسأل: هل ذلك كافي؟ وهل الشركات تستطيع تزود الإنتاج بسرعة في ظل التحديات التمويلية والتقنية؟

التوقعات، هل ذلك بداية اكتفاء ذاتي؟ أم "تحوّط" ذكي؟

 إنشاء محطة برية للتغويز ليس معناه إن مصر راجعة لتصبح دولة مستوردة على طول، لكن:

1.يعتبر ذلك تحوط ذكي في ظل تغيرات الأسعار العالمية.

2.أداة مرنة لمواجهة أي فجوة مفاجئة في الإنتاج المحلي أو زيادة الطلب.

3.وأيضًا قد تُستخدم في إعادة التصدير على المدى الطويل إذا حصلت مصر على شحنات رخيصة أو قامت بإتفاقيات تبادل.

4.المحطة البرية قد تتحول لمصدر استراتيجي، سواء للاستيراد أو حتى كمركز إقليمي لإعادة التصدير.

النتائج 

1.مصر تتحرك بخطة مرنة وديناميكية في سوق الطاقة، ولا تعتمد على اتجاه واحد.

2.التوسع في التغويز (البري والعائم) يأمن احتياجات الكهرباء، ويقلل خطر انقطاعات الصيف.

3.القطاع الخاص شريك مهم في القرار، مما يعطي ثقة إن المشروع سيكون واقعي ومربح.

4.هناك وعي بخطورة الاعتماد على إنتاج محلي فقط، في ظل ارتفاع الاستهلاك وصعوبة رفع الإنتاج بسرعة.

5.إنشاء محطة برية للتغويز قد يقلل التكاليف على المدى البعيد مقارنة بتأجير وحدات عائمة كل صيف.

اقرأ أيضًا:

لمواجهة الطلب المتزايد على الغاز، سفينة تغويز تصل مصر خلال أيام

ختامًا، ما يحدث الآن ليس مجرد "رد فعل"، لكن تحول استراتيجي في سياسة أمن الطاقة في مصر. الحكومة تعمل على كل الجبهات، استيراد مؤقت، شراكة مع شركات عالمية، دعم الإنتاج المحلي، وتوسيع البنية التحتية.

والرهان الأكبر هو إن محطة التغويز البرية تتحول من خطة "أمان مؤقت" لـ أصل استراتيجي دائم، خصوصًا مع طموح مصر إنها تصبح مركز إقليمي للطاقة في شرق المتوسط .وفي عالم الطاقة، من يستعد بدري، هو الذي يكسب دائمًا.

Short Url

search