الأربعاء، 04 يونيو 2025

02:37 ص

الطيران في زمن التحولات، كيف يساهم الشحن الجوي في تسريع سلاسل الإمداد العالمية؟

الإثنين، 02 يونيو 2025 09:45 ص

الشحن الجوي

الشحن الجوي

في وقت تتسارع فيه وتيرة الاقتصاد العالمي وتعقد سلاسل الإمداد، يبرز قطاع الشحن الجوي كأحد الأعمدة الرئيسية في المنظومة اللوجستية العالمية.

الخدمات اللوجستية

تكمن الفرص في دمج التقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة، لتبسيط الخدمات اللوجستية وتحسين الكفاءة التشغيلية، بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يعزز توسيع البنية التحتية في الأسواق الناشئة سعة الشحن الجوي. 

مع تأثر السوق بهذه التطورات، يتعين على الجهات الفاعلة التكيف مع المشهد المتغير للاستفادة من فرص النمو بفعالية مع الحد من المخاطر المرتبطة بها، يشير مسار نمو القطاع إلى مستقبل واعد، مدفوع بالابتكار وتوقعات المستهلكين المتغيرة.

كما أن التعافي المتواصل من تداعيات جائحة كوفيد-19 ساهم في تحسين كفاءة سلاسل الإمداد العالمية، مما عزز من الاعتماد على الشحن الجوي كحل لوجستي موثوق.

اقرأ أيضًا:

من عربات «الكارو» لسفن الشحن العملاقة، مراحل تطور قطاع الخدمات اللوجستية

اللوجستيات الذكية، عصر جديد في الشحن والتوصيل

نظرة عامة على سوق الشحن الجوي

من المتوقع أن تبلغ قيمة سوق الشحن الجوي العالمي نحو 130 مليار دولار أمريكي في عام 2024، مدفوعًا بالطلب المتزايد على خدمات الشحن السريع والموثوق بها. 

وتشير التقديرات إلى أن السوق سيشهد توسعًا ملحوظًا ليصل إلى نحو 200 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2034، ما يعكس معدل نمو سنوي مركب CAGR قوي يقدر بحوالي 4.5% خلال الفترة من 2025 إلى 2034.

وكانت قيمة هذا السوق قد بلغت نحو 100 مليار دولار أمريكي في عام 2022، مع توقعات بتسجيل معدل نمو سنوي مركب يقدر بـ 5% بحلول عام 2030، ما يعكس أداءً قويًا على المدى المتوسط.

تعكس ديناميكيات السوق الراهنة اتجاهات رئيسية، في مقدمتها الطفرة في قطاع التجارة الإلكترونية، الذي أسهم بشكل مباشر في رفع الطلب على حلول الشحن الجوي السريع. 

ورغم هذا النمو الإيجابي، لا تزال هناك تحديات قائمة تهدد وتيرة التوسع، أبرزها تقلب أسعار الوقود، والعقبات التنظيمية، ومخاوف الاستدامة البيئية، التي تفرض ضغوطًا على المشغلين.

الشحن الجوي

طلب متزايد وشهية للتسريع

في عالم لا يقبل الانتظار، أصبح الشحن الجوي الخيار المفضل لتلبية الطلبات العاجلة، من الشركات الصناعية الكبرى إلى متاجر التجارة الإلكترونية، الكل يبحث عن تسليم أسرع وأكثر موثوقية. 

ولا عجب، إذ إن التجارة الإلكترونية وحدها تمثل نحو 30% من حجم الشحن الجوي العالمي منذ عام 2023، مدفوعة باستثمارات ضخمة من عمالقة مثل أمازون وعلي بابا.

ولا يقتصر النمو على الطلب وحده، بل تلعب التكنولوجيا دوراً محورياً، باتت أنظمة التتبع اللحظي والتحليلات التنبؤية والأتمتة الذكية من الأدوات القياسية، ما مكن شركات النقل من تحسين كفاءة التشغيل والتعامل مع أحجام شحن أكبر دون زيادة موازية في التكاليف.

اقرأ أيضًا:

«الشحن الجوي السعودي» دليلك لاختيار الخدمة المثالية بأفضل سعر وأعلي جودة

الأكثر تكلفة وأمانًا، مراحل عملية الشحن الجوي للمنتجات والبضائع (فيديو)

عقبات على المدرج.. من الوقود إلى البيروقراطية

لكن التحليق ليس بلا مطبات، تظل تكاليف التشغيل المرتفعة، وخصوصاً تقلبات أسعار الوقود، أبرز القيود التي تهدد هامش الربح في القطاع، ومع كل صعود في سعر البرميل، تتزايد ضغوط التسعير وتتناقص قدرة الشركات على المنافسة، لا سيما مع بدائل أرخص مثل الشحن البحري.

من جهة أخرى، تفرض التشريعات التنظيمية عبئاً متنامياً، فبينما تسعى الحكومات لفرض معايير أكثر صرامة تتعلق بالأمان والاستدامة البيئية، تجد شركات الشحن نفسها مضطرة للاستثمار في التحديث، مما يزيد الأعباء المالية والتشغيلية.

ولم تكن الاضطرابات العالمية أقل تهديداً، أثبتت جائحة كوفيد-19 هشاشة هذا القطاع أمام الصدمات، حين تراجعت السعة التشغيلية وارتفعت الأسعار بشكل حاد، في مشهد قد يتكرر مستقبلاً بفعل النزاعات أو الكوارث.

الشحن الجوي

فرص في السماء من آسيا إلى الطاقة النظيفة

ورغم التحديات، يلوح في الأفق مشهد واعد للفرص، أبرزها الأسواق الناشئة في آسيا، خاصة في الهند وفيتنام، حيث يجتمع النمو السكاني، والتوسع الحضري، وتصاعد منصات التجارة الإلكترونية لتكوين بيئة خصبة للنمو، وتشير التقديرات إلى أن هذه المناطق قد تُشكل ما يصل إلى 45% من السوق العالمي بحلول عام 2030.

كما أن التحول نحو الاستدامة يفتح الباب أمام ابتكار نماذج عمل جديدة، من استخدام وقود الطيران المستدام (SAF) إلى تطوير سلاسل توريد خضراء، الشركات التي تستبق هذا التوجه لا تحسن صورتها البيئية فحسب، بل تكتسب أيضاً ميزة تنافسية في سوق يتغير.

التكنولوجيا، مرة أخرى، تقود التحول، استخدام الطائرات بدون طيار في التوصيل والأتمتة داخل المستودعات يعد بتحسين جذري في الكفاءة، كما تعزز تقنيات مثل البلوك تشين الشفافية والثقة، خصوصاً في الشحنات الحساسة أو عالية القيمة.

اقرأ أيضًا:

الشحن الجوي يحلق عاليًا، التجارة الإلكترونية تقوده للنمو رغم التحديات العالمية

من الطائرة إلى الباخرة، الإعفاء الجمركي يغير خريطة الشحن والتجارة بين الصين وأمريكا

أمريكا الشمالية في الصدارة، وآسيا تسابق الزمن

على مستوى الأقاليم، تُمسك أمريكا الشمالية بزمام الريادة، مستحوذة على 40% من السوق في عام 2024، يعود ذلك إلى بنية تحتية لوجستية متقدمة، ووجود لاعبين كبار مثل FedEx وUPS، إلى جانب تطور تقني وتنظيمي يرفع من الكفاءة ويعزز الابتكار.

تليها أوروبا بحصة تبلغ 25%، حيث يُعزز التركيز على اللوجستيات المستدامة والصناعات الثقيلة، لا سيما في ألمانيا وفرنسا، من حجم الطلب، أما آسيا والمحيط الهادئ، والتي تمثل 20%، فتشهد نمواً أسرع بنسبة 6% حتى 2034 بدعم من التحولات الديموغرافية والتكنولوجية.

حتى أمريكا اللاتينية، رغم حصتها الصغيرة المتمثلة في 10%، تُظهر إشارات إيجابية بفضل تعزيز العلاقات التجارية وتحسين البنية التحتية، بينما تُراهن أفريقيا والشرق الأوسط على موقعهما الجغرافي واستثمارات النقل، لا سيما من دول مثل الإمارات وقطر، لتحقيق طفرات نمو مستقبلية.

الشحن الجوي

التحليق مستمر رغم المطبات

رغم الرياح المعاكسة، يبدو أن سوق الشحن الجوي يستعد لفترة ازدهار جديدة، إن تزاوج الطلب المتسارع مع التحولات التكنولوجية والفرص الإقليمية، بالإضافة إلى الضغط البيئي الذي يُعيد رسم قواعد اللعبة، يجعل من هذا القطاع أحد أبرز القطاعات اللوجستية الواعدة.

الرحلة لن تكون سهلة، لكنها مليئة بالإمكانات، فكل من يُجيد قراءة الخريطة ويتقن التعامل مع المطبات سيكون له نصيب أكبر من سماء الشحن العالمية.

Short Url

search