الثلاثاء، 03 يونيو 2025

08:37 ص

ماسك وترامب والهيمنة الرقمية، سراب القوة التكنولوجية في واشنطن

الأحد، 01 يونيو 2025 06:54 م

ترامب وإيلون ماسك

ترامب وإيلون ماسك

في زمن تتعاظم فيه نظريات المؤامرة، ويجتهد بعض المثقفين في الكشف عما يختبئ خلف ستار السلطة، لا شيء يبدو أكثر إثارة من التساؤل عن القوة الحقيقية التي تحرك دفة الحكم، من الذي يسيطر فعليًا؟ من المستفيد الحقيقي من القرار السياسي؟ في إدارة ترامب، بدا أن أصابع الاتهام تتجه غالبًا نحو وادي السيليكون.

ترامب وماسك

لكن الواقع يشي بصورة مختلفة تمامًا، كلما اقتربنا من لحظة هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى، كلما بدت كأنها مجرد سراب.

التكنولوجيا في المشهد السياسي.. ضجيج أكثر من تأثير

في بداية عهد ترامب، ساد اعتقاد بأن صعوده قد يمثل عصرًا ذهبيًا جديدًا لتحالف غير مسبوق بين الدولة ورأس المال التكنولوجي. 

إيلون ماسك يتجول في المكتب البيضاوي حاملاً ابنه على كتفيه، شركات كبرى تتبرع بسخاء لحملات ترامب، الحديث عن الاندماج المخيف بين قوة التكنولوجيا وسلطة الدولة بات مادة جاهزة للمحللين.

لكن خلف الأضواء، كانت شركات التكنولوجيا تكتشف أنها لا تمسك بزمام اللعبة، فها هو ماسك، الذي ضخ مئات الملايين لدعم ترامب، يُستبعد من الدائرة الضيقة. 

مبادراته الكبرى من وزارة الكفاءة الحكومية إلى خطة خفض الإنفاق التريليونية تحولت إلى شعارات خاوية، بل إن وعوده بالضغط على الإدارة لتقليص الرسوم الجمركية باءت بالفشل الذريع، رغم سخريته اللاذعة من مستشاري ترامب.

اقرأ أيضًا:

«TACO» من مزحة إلى تهديد اقتصادي يزعزع استقرار الأسواق

130 يومًا في حكومة خاصة، «إيلون ماسك» يفضح نظام البيت الأبيض ويعلن استقالته المفاجئة

 

نهاية الوهم حيث تكنولوجيا بلا نفوذ

سقوط ماسك ليس سوى انعكاس لفشل أوسع، فبينما كانت شركات التكنولوجيا تأمل في التخلص من قبضة مكافحة الاحتكار التي شددها بايدن، وجدت نفسها في مرمى نيران مؤسسات إنفاذ القانون نفسها في عهد ترامب.

لا تزال ميتا تواجه قضايا الاستحواذ الاحتكاري، ووزارة العدل تلاحق جوجل سعيًا لتفكيك احتكارها للمتصفح الأشهر في العالم.

حتى مشاريع ترامب الاقتصادية الكبرى لم تراع مصالح التكنولوجيا، بدلاً من دعم الابتكار والبحث العلمي، شن حربًا مفتوحة على الجامعات، خفض التمويل، وهدد بإلغاء امتيازات ضريبية حيوية للمؤسسات الأكاديمية. 

أما سياساته المعادية للهجرة، فزادت الطين بلة، إذ حرمت قطاع التكنولوجيا من تدفق العقول الأجنبية التي تشكل عصب تفوقه.

ترامب وإيلون ماسك

الرئيس الذي لا يمثل إلا نفسه

إذا كان ثمة درس يمكن استخلاصه من علاقة ترامب بالتكنولوجيا، فهو أن قوة التأثير لا تُقاس بحجم التبرعات، بل بالتماهي الطبقي، ترامب في نهاية المطاف، لا يُشبه عباقرة السيليكون فالي ولا يمثلهم، بيئته الطبيعية هي عالم الشركات العائلية، تلك التي تحتقر الثقافة المؤسسية، وتزدهر في العقارات والصناعات الثقيلة، وتعيش على طقوس التفاخر في أندية مثل مارالاغو.

نائب الرئيس جي دي فانس اختصر الموقف حين شبّه أبل وجوجل بنسخ حديثة من شركة الهند الشرقية، بينما أطلق بانون العنان لغضبه ضد العبيد الرقميين، الرسالة واضحة، التكنولوجيون ليسوا في قلب السلطة، بل في مرمى نارها.

اقرأ أيضًا:

من المريخ إلى وول ستريت، كيف سيغير مشروع ماسك خريطة الاستثمار الفضائي؟

مستثمرو شركة تسلا يطالبون إجبار إيلون ماسك على العمل 40 ساعة

حين تصبح المؤامرة غطاءً للفراغ

المفارقة، أن من يظنون بوجود قوة خفية تحرك المشهد من خلف الستار، يخطئون الهدف، لا توجد منظومة سرية تسيطر على ترامب. 

الرجل ببساطة يُمثل نفسه، لا يخضع لتحالفات طويلة الأمد، ولا يرتبط بمصالح مؤسسية راسخة، إنه رجل الصفقات الفردية، والعوائد السريعة، والانفعالات اللحظية.

وهذا هو وجه القلق الحقيقي، ليس أن التكنولوجيا تسيطر من وراء الكواليس، بل أن السلطة أصبحت بيد رجل واحد، لا يحكم باسم طبقة أو قطاع، بل باسم ذاته.

Short Url

showcase
showcase
search