175 عامًا من البخار، من براءة "فلتون" إلى رحلة "سكاي وندر" الأخيرة
الأحد، 08 يونيو 2025 10:48 ص

السفن البخارية
بين براءة الاختراع التي حصل عليها الأمريكي روبرت فلتون عام 1809، وإبحار السفينة "سكاي وندر" عام 1984، يمتد تاريخ طويل من الابتكار والإنجازات شكلت فيه السفن البخارية نقطة تحول محورية في عالم النقل البحري.
بداية الحلم.. عندما حول البخار الماء إلى وسيلة للنقل
كانت أول فكرة لتحريك السفن باستخدام الطاقة البخارية قد خطرت للمهندس الفرنسي "دابان" في نهاية القرن الثامن عشر.
ورغم التحديات المادية التي واجهها، نجح عام 1778 في إطلاق أول سفينة بخارية تجريبية. وفي سبيل استكمال بناء سفنه، اضطر عام 1801 إلى هدم جزء من منزله ليواصل حلمه.
تلقف العلماء هذه الفكرة، وكان من أبرزهم المهندس الاسكتلندي جيمس واط، الذي أحدث ثورة في صناعة الآلات باختراعه الآلة البخارية ذات الأسطوانة، والتي جعلت من البخار مصدرًا مباشرًا للطاقة دون تدخل الهواء.

فلتون يفتح أبواب المستقبل
لكن التحول الحقيقي في صناعة السفن البخارية جاء على يد روبرت فلتون، الذي حصل على براءة اختراع في 11 فبراير 1809، بعدما كان قد بنى سفينته الشهيرة "نوتيلوس"، التي أبحرت عام 1803 في نهر السين بفرنسا، ممهدة الطريق لعصر جديد في الملاحة.
وفي عام 1807، أطلق فلتون سفينة "كليرمونت" في نهر الهدسون بالولايات المتحدة، لتبدأ أول خدمة نقل منتظمة باستخدام البخار.
وحملت السفينة 100 راكب، وقطعت الرحلة في 32 ساعة ذهابًا و30 ساعة إيابًا وبلغ طول "كليرمونت" نحو 40 مترًا، وسرعتها 6 كيلومترات في الساعة.
وفي أوروبا، شهد عام 1812 انطلاق السفينة "كوميت"، التي نقلت الركاب بين مدينتي جلاسكو وهلسنبرج عبر نهر كلايد، بسرعة بلغت 6 عقدات بحرية في الساعة.

من الأنهار إلى عبور المحيطات
بلغت ذروة الابتكار في عام 1819، عندما عبرت السفينة "سافانا" المحيط الأطلسي، في رحلة استغرقت 27 يومًا، لم تعتمد فيها بالكامل على البخار، إذ استخدم لمدة 85 ساعة فقط، فيما أكملت الرحلة باستخدام الأشرعة.
تسارعت وتيرة التطور، ففي عام 1852، أطلقت شركة كولنز الأمريكية سفنًا بخارية متطورة قطعت الأطلسي في 10 أيام فقط، وكانت أولى السفن التي تضم حمّامات خاصة، مع تحسين مستمر في كفاءة المحركات.
وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أصبحت السفن البخارية العمود الفقري لحركة التجارة والسفر حول العالم، لتحل محل السفن الشراعية تمامًا.
وتم تجهيز كبائن الدرجة الأولى على هذه السفن بأثاث فاخر ومرافق راقية، بينما بقيت ظروف ركاب الدرجة الثالثة أقل راحة.

"سكاي وندر".. نهاية رحلة طويلة
اختتمت السفن البخارية فصلها الأخير في عام 1984، مع انطلاق "سكاي وندر"، آخر سفينة ركاب تعمل بالبخار.
وكانت بمثابة التحية الختامية لعصر امتد قرابة 175 عامًا، رسم ملامح الحداثة في النقل البحري.

إرث لا يزول
رغم أن السفن البخارية لم تعد تستخدم، إلا أن أثرها مازال في تاريخ الملاحة، فقد لعبت دورًا جوهريًا في اختصار المسافات، وتعزيز حركة التجارة العالمية، وتسهيل الهجرة والتنقل، بل وأثرت في تشكيل العلاقات الدولية والاقتصاد العالمي.
من "دابان" إلى "فلتون"، ومن "سافانا" إلى "سكاي وندر"، تركت السفن البخارية بصمتها العميقة في ذاكرة الإنسانية، كأحد أعظم اختراعات العصر الصناعي.
Short Url
الخط الثاني من «القطار الكهربائي السريع» شريان جديد في جسد مصر (صور)
08 يونيو 2025 01:45 م
بطول 63.5 كيلو، مشروع لوجيستي جديد بالعاشر من رمضان لدعم الصناعة والنقل الذكي
08 يونيو 2025 01:02 م
مشروع إنشاء محطة تحيا مصر 2 متعددة الأغراض على رصيف 100 بميناء الدخيلة
08 يونيو 2025 12:46 م


أكثر الكلمات انتشاراً