«قناة السويس»، تاريخ من المعاهدات والسيادة الوطنية غير القابلة للمساومة
الإثنين، 09 يونيو 2025 10:50 ص

قناة السويس
في ظل الجدل الذي أثير مؤخرًا حول أحقية بعض الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، في المرور المجاني عبر قناة السويس، وخلال السطور التالية يستعرض موقع "إيجي إن"، الإطار القانوني والتاريخي والسيادي الذي يحكم هذا الممر البحري العالمي، مع تسليط الضوء على أن قناة السويس هي ملك لمصر، وأن سيادتها عليها غير قابلة للنقاش.

«اتفاقية القسطنطينية» تأصيل قانوني لحرية الملاحة
في التاسع والعشرين من أكتوبر عام 1888، وقعت اتفاقية القسطنطينية بين تسع دول كبرى من بينها بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، والدولة العثمانية، لتنظيم الملاحة في قناة السويس.
ونصت الاتفاقية بوضوح على أن القناة تظل "حرة ومفتوحة في وقت السلم والحرب لجميع السفن دون تمييز"، وهو ما يشكل أساس الالتزام الدولي بحرية عبور القناة، لكنه في الوقت ذاته لا يُنقص من السيادة المصرية عليها.
المعاهدة أيضًا أقرت بحق الخديوي ومع مرور الزمن الحكومة المصرية قررت باتخاذ ما يلزم من إجراءات للدفاع عن مصر، وضمان النظام العام، بما في ذلك فرض قيود على مرور بعض السفن في حالات الضرورة.
«التحفظ البريطاني» ونهاية حقبة السيطرة الأجنبية
رغم توقيع بريطانيا على المعاهدة، فقد أبدت تحفظًا على تطبيقها الكامل في ظل احتلالها لمصر آنذاك، وهو ما وصفته فرنسا وقتها بأنه "إعلان أكاديمي غير قابل للتطبيق فعليًا".
ولم يتم رفع هذا التحفظ إلا مع توقيع الاتفاق الودي بين بريطانيا وفرنسا عام 1904، ما أدى لتفعيل اتفاقية القسطنطينية بشكل رسمي، لكن بريطانيا ظلت تمارس نفوذها الفعلي على القناة حتى منتصف القرن العشرين.
مع اشتعال الحربين العالميتين، انتهكت بريطانيا نصوص المعاهدة، ومنعت السفن المعادية من عبور القناة، وهو ما تكرر لاحقًا في حالات أخرى من قبل دول مختلفة، ما يوضح أن نصوص المعاهدة كانت دومًا خاضعة لاعتبارات السيادة والأمن القومي للدول المالكة للقناة.

«تأميم القناة» السيادة المصرية في أوجها
في عام 1956، أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، منهياً بذلك أكثر من سبعين عامًا من السيطرة الأجنبية على القناة.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت قناة السويس مرفقًا مصريًا خالصًا تديره هيئة قناة السويس، وتُطبق عليه قوانين الدولة المصرية، مع احترام التزاماتها الدولية المتعلقة بحرية الملاحة.
القناة بين القانون والسيادة لا مرور مجاني دون ضوابط
وبالنظر إلى ما أثير مؤخرًا من تصريحات إعلامية "كوميدية" حول أحقية السفن الأمريكية في المرور المجاني عبر القناة، فإن هذه الادعاءات لا تستند إلى أي أساس قانوني.
فالمعاهدة لم تُلزم مصر بتقديم خدمات مجانية، بل نصت على حرية المرور فقط، وهو ما يعني أن السفن ملزمة بدفع رسوم العبور التي تقرها هيئة قناة السويس وفقًا للقوانين والسياسات المصرية.
وقد أكدت المواد القانونية في الاتفاقية، خصوصًا المادتين (9 و10)، على حق مصر في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان الدفاع عن أراضيها، والنظام العام، دون أن يتعارض ذلك مع حرية المرور ذاتها.
_1800_074214.jpg)
«قناة السويس اليوم» دعامة اقتصادية واستراتيجية
اليوم، تعد قناة السويس أحد أهم شرايين التجارة العالمية، حيث يمر عبرها نحو 12% من التجارة العالمية، وتُدر مليارات الدولارات سنويًا على الاقتصاد المصري، كما أنها تمثل عنصرًا رئيسيًا في معادلات الجغرافيا السياسية والاستقرار الإقليمي.
كما تواصل مصر تحديث وتوسعة القناة من خلال مشروعات طموحة، كان أبرزها مشروع قناة السويس الجديدة الذي افتُتح في 2015، لتعزيز قدرة القناة على استيعاب أكبر السفن وتسهيل حركة الملاحة الدولية.
في النهاية، إن قناة السويس ليست مجرد ممر مائي، بل هي رمز للسيادة الوطنية المصرية، وركيزة من ركائز الأمن القومي والاقتصاد الوطني.
وعلى المجتمع الدولي احترام التزاماته التاريخية والقانونية تجاه هذه القناة، والامتناع عن إطلاق تصريحات غير مسؤولة تمس بحقوق مصر المشروعة في إدارة أراضيها ومرافقها الحيوية.
Short Url
هيئة الموانىء: الحركة الملاحية تسجل ارتفاعًا بنسبة 9.39% لتصل إلى 1,083 سفينة
09 يونيو 2025 01:38 م
من النجيلة إلى العالم، «ميناء جرجوب» يربط مصر بالتجارة الدولية
09 يونيو 2025 10:03 ص
خطوط هاواي تعلن تشغيل طائرات بين أنكوريج وسياتل لرفع سعة الشحن
09 يونيو 2025 12:15 م


أكثر الكلمات انتشاراً