المالديف.. حين يلتقي البحر بالتمويل في رحلة نحو التنوع الاقتصادي
الخميس، 29 مايو 2025 10:21 م

جزر المالديف
من بين مياه المحيط الهندي اللامتناهية، تبرز جزر المالديف كوجهة سياحية خلابة، لكن خلف مشهد المنتجعات الفاخرة والشواطئ البيضاء، تخوض هذه الدولة الصغيرة معركة تنموية معقدة، معركة ضد التغير المناخي، وضد أحادية الاقتصاد، وضد الهشاشة البنيوية لبلد يعتمد على البحر بنسبة 99%.
وعلى هامش اجتماعات البنك الإسلامي للتنمية، يُظهر بوضوح أن المالديف اليوم لم تعد تراهن على السياحة وحدها، بل تسعى إلى رسم مسار تنموي جديد، تقوده التمويلات الإسلامية والتكنولوجيا والاقتصاد الأزرق المستدام.

تمويل إسلامي في قلب المعادلة الاقتصادية
المالديف، التي كانت من أوائل الدول التي أصدرت صكوكًا إسلامية، تخطط لإعادة الإصدار مع استحقاق الصكوك السابقة العام المقبل، لكن هذه المرة، الرؤية أشمل، وتشمل تطوير إطار تنظيمي متكامل، التعاون مع ماليزيا وإندونيسيا لاكتساب الخبرة، وربط السياحة بالتمويل عبر نماذج تمويل مبتكرة.
وهذا التوجه لا يهدف فقط إلى جذب رؤوس أموال جديدة، بل إلى تحويل التمويل إلى أداة تنموية قادرة على تمكين الاقتصاد المحلي من الداخل، وتحقيق توازن بين النمو والعقيدة، بين الحداثة والاستدامة.
اقرأ أيضًا:
بلومبرج: جزر المالديف تخطط لإنشاء مركز مالي بـ8.8 مليارات دولار بدعم قطري
فيضان الديون يُغرق «المالديف» قبل الخطر المناخي، الجنة سياحية على حافة الإفلاس
اقتصاد أزرق يواجه حرارة التغير المناخي
قطاع الصيد، ثاني أكبر مساهم في الاقتصاد، يواجه خطر الذوبان، ليس بسبب تراجع الطلب، بل لأن الأسماك تهرب إلى الأعماق هربًا من حرارة المياه السطحية، والنتيجة؟ انخفاض الإنتاج بنسبة 50% العام الماضي، أما الرد الحكومي لم يكن بخطط فوقية، بل بحلول مبتكرة قائمة على التحول إلى الطاقة النظيفة في قوارب الصيد، وابتكار تقنيات مثل نظام تبريد مياه البحر، لتقليل استهلاك الوقود وحماية جودة الأسماك.
ولعل الأهم في هذا السياق، أن هذه الحلول طُورت بالتعاون مع الصيادين أنفسهم، لا من خلال بيروقراطية مركزية، وهو ما يعزز من فرص النجاح والاستدامة.

مركز مالي في عرض البحر
التحول الاقتصادي في المالديف لا يقتصر على ما هو قائم، فهناك أيضًا رؤية استشرافية لمستقبل مالي جديد، مشروع بقيمة 8.8 مليارات دولار لبناء مركز مالي عالمي يُعد الأحدث من نوعه، لا يهدف فقط إلى استقطاب التمويل الإسلامي، بل أيضًا التمويل الأخضر وتكنولوجيا الويب.
هذا الطموح يلتقي مع رؤية البنك المركزي، في توسيع القطاع المالي، ويحوّل المالديف من مجرد مستقبل للاستثمارات السياحية، إلى مركز تصدير للخدمات المالية المبتكرة.
اقرأ أيضًا:
من الخليج إلى أمريكا، الدول الأعلى إنفاقًا في الوجهات السياحية
أزمة سياحية تلوح في الأفق، هل تفقد أمريكا حصتها من الزوار الدوليين؟ (تفاصيل)
تكامل ذكي بين القطاعات.. واستفادة من الشراكات
إن ما يُميز التجربة المالديفية الناشئة، هو أنها لا تسعى إلى قطيعة مع واقعها، بل إلى توظيفه بذكاء، فالسياحة تُستخدم كرافعة للتمويل، أما الصيد فيتحول إلى مختبر للطاقة المتجددة، والتمويل الإسلامي يُطوع كأداة للمرونة الاقتصادية.
الأكثر أهمية أن هذه التحولات، لا تتم بمعزل عن العالم، بل ضمن شراكات ذكية مع مؤسسات مثل البنك الإسلامي للتنمية، وصناديق مثل الحياة وسبل العيش، ما يمنح التجربة طابعًا مؤسسيًا قادرًا على التحول إلى نموذج يحتذى به بين الدول الجزرية النامية.

المالديف الجديدة.. من السياحة إلى الاقتصاد السيادي
أما التحول الذي تقوده المالديف اليوم فلا يتعلق فقط بالاقتصاد، بل بالسيادة الاقتصادية والتمكين المجتمعي، فكل دولار يُستثمر في البنية التحتية المالية، أو في مشروع طاقة خضراء، هو خطوة نحو اقتصاد أقل هشاشة وأكثر استقلالية.
وإذا كانت جزر المالديف قد ارتبطت طويلًا بصورة الملاذ السياحي، فإنها اليوم تكتب فصلًا جديدًا في سرديتها التنموية، جزر تُبحر في محيطات التمويل والتكنولوجيا، نحو اقتصاد متنوع، أخضر، وذكي.
Short Url
«أفلام تتصدر ووثائقيات تشتعل»، صراع المنصات يشتعل فمن يربح معركة الشاشة الصغيرة
30 مايو 2025 01:58 م
بين المطرقة والتبعية، الصين تواجه تحديات التقنية والعمالة في معركة الرسوم
30 مايو 2025 12:49 م
السماء ليست صافية، عواصف تجارية وجيوسياسية تهدد مستقبل الطيران العالمي
30 مايو 2025 10:25 ص


أكثر الكلمات انتشاراً