السبت، 14 يونيو 2025

11:25 ص

من القمة إلى الانهيار، صادرات الهواتف الصينية لأميركا تحت مقصلة الجغرافيا السياسية

الجمعة، 13 يونيو 2025 07:46 م

الهواتف المحمولة

الهواتف المحمولة

في مشهد يعكس هشاشة العولمة أمام ضربات السياسة، تتهاوى صادرات الهواتف المحمولة من الصين إلى الولايات المتحدة كأحجار دومينو، بعدما كانت تُحلق في سماء التجارة العالمية. 

تعرف على 20 من إيجابيات الهاتف النقال.. و6 من سلبياته على حياتنا
الهواتف المحمولة

من قمة مذهلة بلغت 6.9 مليار دولار في نوفمبر 2020، إلى قاع لم تشهده الأسواق منذ 13 عامًا، باتت العلاقة التجارية بين العملاقين الاقتصاديين متحملة بالتحولات والرسائل غير المعلنة.

 

عقد من الصعود.. والآيفون في الصدارة

منذ عام 2010، شكلت صادرات الهواتف المحمولة من الصين إلى السوق الأميركية قصة نجاح متصاعدة، بدأت من نصف مليار دولار شهريًا، وانفجرت مع الطفرة الذكية التي قادتها شركة آبل، والتي جعلت من الصين مصنعًا عالميًا للأجهزة التي غزت جيوب الأميركيين.

تحولت المصانع الصينية إلى شرايين نابضة تُغذي السوق الأميركية بكل جديد في عالم الاتصالات، وكان موسم العطلات السنوي يعزز هذه الموجة باستهلاك ضخم ومتجدد، حتى بلغ التصدير ذروته مع نهاية 2020.

اقرأ أيضًا:

من الحلبة إلى المصنع، الصين تختبر مستقبل الروبوتات البشرية

من 6.9 مليار إلى 689 مليون، انهيار صادرات الموبايلات الصينية يفضح اشتعال الحرب التجارية

2021.. بداية النهاية الصامتة

لكن ما إن دارت عجلة 2021، حتى بدأ صوت الهدوء يُخفي خلفه عاصفةً قادمة، فقد دخلت صادرات الهواتف في منحنى هابط، وصل إلى أدنى مستوياته في أبريل 2025 عند 689 مليون دولار فقط انخفاض يُقدر بأكثر من 72% خلال شهر واحد فقط، مقارنة بشهر مارس.

هذه الأرقام ليست مجرد بيانات جمركية، بل دلالات قوية على اختلال الثقة في مسار كان يُنظر إليه يومًا كرمز للتكامل الاقتصادي العالمي.

ویدئو کامل معرفی آیفون 16e توسط اپل را ببینید | روزنامه هفت صبح
آبل

مزيج من العقوبات والاختناقات

أسباب هذا التراجع لا يمكن حصرها في رقم واحد أو قرار مفاجئ، بل هي نتيجة تفاعل معقد بين الاقتصاد والجغرافيا السياسية.
فمن جهة، فرضت واشنطن تعريفات جمركية مشددة منذ سنوات، ووسعت من نطاق العقوبات على شركات صينية كبرى، أبرزها "هواوي"، ما أدى إلى تقييد حركة التجارة في واحدة من أكثر السلع الاستراتيجية.

ومن جهة أخرى، غدت جائحة كوفيد-19 هشاشة سلاسل الإمداد، وأربكت جداول الإنتاج والشحن، في حين أدركت الشركات الأميركية بعد سنوات من الاعتماد المفرط على الصين ضرورة تنويع مصادر التوريد لحماية استدامتها.

اقرأ أيضًا:

"صنع في الصين"، أسباب تمنع الولايات المتحدة من تصنيع آيفون بالكامل

الرسوم الجمركية تعود للساحة، واشنطن وبكين من هدنة لنار تشتعل

هروب المستثمرين وولادة مراكز جديدة

الهند، فيتنام، والمكسيك، أسماء كانت على الهامش، أصبحت اليوم بدائل محتملة، فشركات التكنولوجيا الكبرى بدأت بالفعل بنقل أجزاء من عملياتها التصنيعية خارج الصين، بحثًا عن استقرار سياسي، وبيئة تجارية أكثر تنوعًا.

هذا التوجه لا يعني نهاية الصناعة الصينية، بل ترجمة لمرحلة جديدة تشهد فيها الصين تحولاً من مصنع العالم إلى شريك في نظام عالمي متعدد الأقطاب.

تحقیقات جدید: اپل شما را زیر نظر دارد - پیوست
شركة آبل

من التجارة إلى الجغرافيا السياسية

الأزمة التي تشهدها صادرات الهواتف الصينية لا ترتبط فقط باختلال تجاري، بل تعكس تحولاً في موازين القوى، فاليوم، تُستخدم سلاسل التوريد كسلاح غير مباشر في صراعات النفوذ بين القوى الكبرى.

الولايات المتحدة، عبر تشجيع التصنيع المحلي وتقنين الاعتماد على الصين، ترسم ملامح حقبة جديدة من السيادة الصناعية، بينما تسعى بكين للتموضع في أسواق بديلة والحفاظ على مكانتها التقنية عبر تطوير نماذج محلية متقدمة.

اقرأ أيضًا:

حرب الرقائق تشتعل من جديد، واشنطن تضرب والصين تتوعد بالرد

سباق مع الزمن، كيف أربكت هدنة أميركا والصين حركة الشحن العالمية؟

هل هو انهيار دائم أم تصحيح اضطراري؟

الهبوط الحاد في صادرات الهواتف قد لا يكون نهاية اللعبة، بل ربما بداية لصياغة توازنات جديدة. فالعالم اليوم يشهد موجة من إعادة التموضع الاقتصادي، حيث تتحوّل الدول من منطق التكامل الكامل إلى التعاون الانتقائي وفقًا للمصالح الجيوسياسية.

وإذا كانت الحرب التجارية قد بدأت بالتعريفات، فإن مستقبلها يتشكل عبر السياسات الصناعية الذكية، وتوزيع الاستثمارات، وبناء تحالفات جديدة في آسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا.

التكنولوجيا تضع الصين في رأس هرم الابتكار العالمي | Al-Iktissad Wal-Aamal |  الإقتصاد والأعمال
الهواتف الذكية

اقتصاد ما بعد العولمة

قصة صادرات الهواتف من الصين إلى أميركا خلال آخر 15 عامًا ليست مجرد تقلبات في منحنى بياني، بل رواية متكاملة عن عالم يتغير تحت أقدامنا. 

من قمة 6.9 مليار إلى قاع 689 مليون دولار، يتضح أن الأسواق لم تعد تحكمها قوانين العرض والطلب فقط، بل باتت تقرأ التوترات السياسية بعيون الاقتصاد.

إنها بداية عصر جديد، يتطلب من صناع القرار والفاعلين الاقتصاديين فهمًا أعمق لتقاطعات التجارة والتقنية والسياسة، حيث لا شيء يبدو مضمونا، حتى الهواتف الذكية.

Short Url

search