الجمعة، 23 مايو 2025

11:04 ص

نيسان بين الخسائر التاريخية والتحديات المستقبلية، قصة شركة عملاقة تبحث عن الانقاذ

الجمعة، 23 مايو 2025 12:08 ص

نيسان موتور اليابانية

نيسان موتور اليابانية

كتب/ كريم قنديل

سجلت نيسان موتور اليابانية صافي خسارة قياسية بلغت 670.9 مليار ين أي 4.5 مليار دولار في العام المالي الماضي، لتسجل أكبر خسارة سنوية منذ نحو 25 عامًا، أزمة جديدة تهز واحدة من أعمدة صناعة السيارات في اليابان، وتعيد التساؤل، كيف وصلت نيسان إلى هذا الطريق المسدود؟

نيسان موتور اليابانية

من أزمة 1999 إلى إنعاش كارلوس غصن ودروس الماضي

قبل ربع قرن، وقعت نيسان في أزمات مالية خانقة، حتى تدخلت رينو الفرنسية عام 1999 عبر تحالف استراتيجي ضخ الاستثمارات، لتستحوذ على حصة كبيرة في الشركة اليابانية. 

لكن في العام التالي، تفاقمت الخسائر لتبلغ 6.46 مليار دولار، هنا ظهر كارلوس غصن كمنقذ، عبر خطة إنعاش محكمة، وخفض التكاليف، وإغلاق المصانع غير المربحة، وتسريح آلاف الموظفين، وإطلاق 22 طرازًا جديدًا، كان غصن بطلاً وطنيًا حتى اعتقاله عام 2018 بتهم فساد تسببت في أزمة جديدة هزت نيسان على مستوى القيادة والثقة.

اقرأ أيضًا:

نيسان تدرس إغلاق مصانعها في اليابان والخارج بعد تراجع مبيعاتها

نيسان تطلق خطة «ReNissan» لتوفير 3.4 مليار دولار من تكاليف التشغيل

الأزمة الحالية تراكمات داخلية وخارجية

تراجعت نيسان بشكل حاد بسبب عدة عوامل:

انهيار التحالف مع رينو: بعد قضايا غصن، انخفض التعاون الاستراتيجي، وبدأت نيسان في تفكيك شراكات طويلة الأمد.

التوترات الجيوسياسية: انسحاب كامل من السوق الروسية نتيجة حرب أوكرانيا، مع خسائر مالية فادحة بعد تخليها عن مصنع في سانت بطرسبرغ.

ضعف التنافسية التقنية: بالرغم من الريادة المبكرة بسيارة نيسان ليف الكهربائية، فشلت الشركة في مواكبة التطور السريع الذي تقوده تويوتا وتسلا، خصوصًا في السوق الأكبر عالميًا، وخاصةً الصين.

تراجع المبيعات: والاعتماد على الطرازات القديمة التي فقدت جاذبيتها، وسط منافسة شرسة واهتمام المستهلكين بالعلامات المحلية.

ضغوط التجارة الدولية: فرض الرسوم الجمركية الأميركية على السيارات المستوردة أوقف مبيعات إنفينيتي المصنوعة في المكسيك داخل الولايات المتحدة.

Picture background
نيسان موتور اليابانية

محاولات الانقاذ.. هل تنجح الشراكات؟

في الماضي، كانت الشراكات هي مفتاح النجاة، لكن المحاولات الجديدة باءت بالفشل، فشل الاندماج المحتمل مع هوندا في فبراير 2025، وإن خفض رينو حصتها في نيسان، ما يعكس حالة من الانفصال التدريجي للتحالف. 

على الجانب الآخر، لم تثمر محادثات الاستثمار مع شركات كبرى مثل كيه كيه آر وهون هاي، وهي الشركة التايوانية المصنعة للآيفون عن اتفاقات فعلية، ويبقى البحث عن شراكات جديدة هو الخيار الأوحد.

اقرأ أيضًا:

«نيسان» تتصدر قائمة السيارات الأكثر ترخيصًا في الربع الأول من 2025

رحلة البحث عن منقذ، شركة نيسان تغلق 7 مصانع وتسرح 20 ألف موظف

خطة إعادة الهيكلة.. إغلاق المصانع وتسريح العمالة

أطلقت نيسان خطة إعادة هيكلة حاسمة، تعيين فريق إدارة جديد بقيادة إيفان سبينوزا، وتقليص الطاقة الإنتاجية السنوية بنسبة تقارب 28.6%، مع إغلاق 7 مصانع عالميًا وتسريح 20 ألف موظف. 

الهدف، خفض التكاليف بمقدار 500 مليار ين، أي 3.43 مليار دولار، وفي الوقت نفسه، تستثمر الشركة 1.4 مليار دولار في السوق الصينية، كأمل لتعزيز إنتاج السيارات الكهربائية.

نيسان موتور اليابانية

المستقبل بين المخاطر والفرص

قال سبينوزا في مؤتمر مستقبل السيارات بلندن إن الوضع المالي الحالي جيد، لكنه أكد ضرورة التحرك السريع والاعتماد على النفس، وفي ظل سوق السيارات الكهربائية المتنامي، وتأثير التحولات العالمية على سلاسل التوريد، تبقى نيسان أمام تحديات ضخمة تتطلب مرونة استراتيجية وسرعة تنفيذ.

أما مصنع سندرلاند البريطاني، فلم يتعرض لخطر الإغلاق حتى الآن، لكن الإدارة ترفض تقديم أي ضمانات طويلة الأجل، مما يعكس حالة عدم اليقين التي تحيط بمصير نيسان.

نيسان في وجه العاصفة

نيسان موتور تشبه اليوم سفينة تواجه عاصفة قوية بعد عقود من التحديات والأزمات المتكررة، رغم تجارب الإنقاذ الناجحة سابقًا، فإن الظروف الراهنة تختلف في عمقها وتعقيدها. 

الاستمرار في البحث عن شراكات استراتيجية، وإعادة هيكلة صارمة، والاستثمار في التكنولوجيا الخضراء، كلها عوامل حاسمة قد تحدد ما إذا كانت الشركة ستتمكن من تحويل خسائرها التاريخية إلى بداية جديدة.

في سوق متغير سريع، حيث تحكم التكنولوجيا والقوة الشرائية المستهلك، لا خيار أمام نيسان إلا التحرك بذكاء وجرأة، مستقبلها بين يدي الإدارة الجديدة والقدرة على الابتكار والتكيف، وإلا فقد تتحول من أسطورة صناعة السيارات اليابانية إلى درس في هشاشة الشركات الكبرى.

Short Url

search