الفطريات والبكتيريا بدائل للأسمنت في بناء منازل المستقبل (تفاصيل)

الأربعاء، 21 مايو 2025 08:50 ص

ميسيليوم

تمكن فريق بحثي في ولاية مونتانا الأمريكية بزراعة تشابكات كثيفة وإسفنجية من خيوط الـ"ميسيليوم"، وهي بنية شبيهة بالجذور تربط شبكات الفطريات تحت الأرض، كإطار لإنشاء مادة بناء حية ذاتية الإصلاح.

لا تزال القدرة على إنشاء هياكل متينة وقادرة على تحمل الأوزان الثقيلة باستخدام مواد حية بعيدة المنال لسنوات عديدة.

ووفقًا لدراسة منشورة بمجلة "Cell Reports Physical Science"، قالت تشيلسي هيفيران، إنه وجد أن اكتشاف مثل هذا يمثل خطوة مهمة نحو العثور على بديل مستدام للإسمنت، التي تعد مادة أساسية في صناعة الخرسانة.

وفقًا لمؤسسة " Chatham House" البحثية في مدينة لندن البريطانية، يتم تصنيع أكثر من 4 مليارات طن متري من الإسمنت سنويًا، ما يساهم بنحو 8% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.

أوضحت هيفيران، أستاذة مُساعِدة في الهندسة الميكانيكية والصناعية بجامعة ولاية مونتانا-بوزمان: “تساءلنا: ماذا لو استطعنا القيام بذلك بطريقة مختلفة باستخدام علم الأحياء”.

ووفقا لدراسة استطاعا مؤلفوا الدراسة على استخدام بكتيريا قادرة على إنتاج كربونات الكالسيوم، وهو المركب الكيميائي، وهو الموجود في المرجان، وقشور البيض، والحجر الجيري، إلى الخيوط الفطرية، التي عملت كدعامات هيكلية.

من خلال عملية تُسمى التمعدن الحيوي، تم تحويل كربونات الكالسيوم الخيوط اللزجة والمرنة إلى بنية صلبة تشبه العظام.

فطر Neurospora crassa

وحاول الفريق ترك فطر "Neurospora crassa"، يتمعدن حيويًا من تلقاء نفسه، حيث أن إضافة الميكروبات ساهم في الحصول على مادة أكثر صلابة في وقتٍ أقل.

بكتيريا Sporosarcina pasteurii

في حين أن بكتيريا "Sporosarcina pasteurii"، كونت شبكات بلورية من كربونات الكالسيوم حول الخيوط الفطرية بعد استقلابها لمادة الـ"يوريا"، وهي بمثابة غذاء للبكتيريا.

وبينما تُعتبر مواد البناء الأخرى المُتمعدِنة حيويًا "حية" لبضعة أيام فحسب، أوضحت هيفيران أن فريقها تمكن من إبقاء الميكروبات نشطة لمدة 4 أسابيع على الأقل، وقد تمتد هذه الفترة إلى أشهر أو حتى سنوات.

رأى أفيناش مانجولا-باسافانا، مهندس بيولوجي، أن هناك حاجة إلى القيام بالمزيد من الاختبارات للعثور على مادة بناء حية قادرة على استبدال الإسمنت، قبل استخدام هذه المادة في صناعة المنازل، أو الأسوار، أو غيرها من أغراض البناء.

وأوضح مانجولا-باسافانا، كبير الباحثين العلميين في جامعة "نورث إيسترن" بأمريكا: "يُجرى هذا النوع من التجارب على نطاقٍ ضيق، وهو لا يعكس بالضرورة خصائص المادة عند استخدامها بكميات كبيرة".

قوة صلابة ميسيليوم

وقال إنه ليست الصلابة هي ما يهم الأشخاص عندما يتعلق الأمر بمواد البناء، بل القوة، والقدرة على تحمل الأثقال.

بينما لا تضاهي قوة ومتانة مواد البناء الحية مميزات الخرسانة بعد، حيث تعتقد هيفيران أن الـ"ميسيليوم" يشكل قاعدة واعدة.

بفضل مرونة هذه المادة، يُمكن تشكيل المادة اللزجة لتشمل قنواتٍ تشبه الأوعية الدموية داخل العوارض، أو الطوب، أو الجدران.

وتشبيها لذلك ننظر إلى الأوعية الدموية داخل جسم الإنسان، فهي تحتاج خلايا مواد البناء الحية إلى هياكل قادرة على توصيل العناصر الغذائية للبقاء على قيد الحياة.

ولفت مانجولا-باسافانا إلى أن إضافة هذه الهياكل إلى تصميم مواد البناء قد يُضعفها، ما يُمثل تحديًا للدراسات المستقبلية، متابعًا: "أعتقد أنها قد تكون مفيدةً في المستقبل للمباني المكونة من طابق واحد، والهياكل الأصغر حجمًا. قد نشهد ذلك خلال فترة تترواح بين 5 و10 سنوات".

ومن جانبه قالت هيفيران إن الفطريات تُشك خطرًا تنفسيًا محتملاً، رُغم أن قتل الـ"ميسيليوم" يُقلل من قدرتها على إنتاج مسببات الحساسية، إلا أنّه ينبغي إجراء المزيد من الأبحاث قبل اعتبار الهياكل التي تُصنع منها هذه المادة آمنةً للسكن.

وكشفت هيفيران عن كيفية الاستفادة من هذا المشروع في الفضاء، فهي تعد أسهل بكثير من نقل الإسمنت والخرسانة إلى هناك، إضافة إلى رخص تكلفتها.

يعد فريق هيفيران واحد من فِرَق عديدة في أمريكا لاستكشاف إمكانيات مادة الـ"ميسيليوم"، التي استُخدمت فعليا في صنع مواد أخرى أكثر ليونة في مجال التغليف والعزل.