صناعة أغذية الفضاء، نمو متسارع وتنافس أمريكي صيني و647 مليون دولار حجم الإنتاج

الأحد، 18 مايو 2025 09:35 م

سوق أغذية الفضاء

شهيرة أحمد

سوق أغذية الفضاء، منذ أن خطا الإنسان أولى خطواته نحو استكشاف الفضاء، لم تكن التحديات تقتصر على التكنولوجيا أو الملاحة، بل شملت أبسط الاحتياجات الإنسانية، وهى الطعام.

فالغذاء، وإن بدا مسألة بسيطة على الأرض، إلا أنه في بيئة تنعدم فيها الجاذبية وتغيب فيها الظروف الطبيعية لحفظ وتحضير الطعام، تحوّل إلى عنصر معقد يتطلب حلولًا مبتكرة لضمان صحة وسلامة رواد الفضاء.

رحلة تطور أغذية الفضاء

منذ بدايات برامج الفضاء، برزت الحاجة لتطوير أنظمة غذائية تتناسب مع طبيعة المهمات الفضائية، فبدأت الوكالات الفضائية، وعلى رأسها "ناسا"، بتطوير أطعمة مجففة أو معبأة على شكل معجون في أنابيب، ومع تقدم التكنولوجيا، تم إدخال تقنيات التجفيف بالتجميد وإعادة الترطيب، ما سمح بتوفير تنوع أكبر في الوجبات.

وفي محطة الفضاء الدولية، أصبح بإمكان الرواد اليوم الاختيار من قائمة تحتوي على أكثر من 100 صنف غذائي، تشمل الفواكه والخضروات الطازجة التي تُرسل ضمن مهام الإمداد.

ما هي أغذية الفضاء؟

أغذية الفضاء هى أطعمة معدة خصيصًا لتستهلك في البيئات الفضائية، حيث تخضع لعمليات تصنيع دقيقة تشمل التعقيم، التجفيف، والتغليف في عبوات محكمة، لتسهيل تناولها وضمان عدم تسرب الفتات أو السوائل في بيئة تنعدم فيها الجاذبية.

وتتم عملية التطوير داخل مختبرات متخصصة مثل مختبر نظم الأغذية الفضائية التابع لوكالة ناسا لضمان جاهزيتها للاستخدام في الفضاء وفق معايير دقيقة.

أهمية الأغذية في الفضاء

لا يقتصر دور أغذية الفضاء على التغذية فقط، بل تمتد أهميتها إلى الحفاظ على صحة الرواد: التغذية المتوازنة ضرورية لدعم الجهاز المناعي وصحة العظام والعضلات.

كما تسهم الأغذية في الفضاء في الدعم النفسي والحفاظ على الحالة النفسية، حيث تشير وكالة الفضاء الكندية إلى أن تناول وجبات مألوفة ولذيذة يقلل التوتر ويعزز الشعور بالراحة والرفاهية في بيئة معزولة.

وتعتبر الأغذية الفضائية جزء أساسي من نظم دعم الحياة، حيث تصمم لتكون خفيفة، طويلة الصلاحية وسهلة التخزين، مما يخفف التكاليف اللوجستية والجهود المرتبطة بالرحلات الفضائية.

اقرأ أيضًا: مباحثات مصرية لتطوير تكنولوجيا الفضاء بمؤتمر سات إكسبو في دبي

أنواع الأطعمة الفضائية

مع التطور التكنولوجي والعلمي، وتوفير أساليب جديدة لتحضير وتعبئة الطعام تطورت كذلك الأطعمة الفضائية، لتصبح أكثر تشابه مع الوجبات التي يتم تناولها على الأرض، وتنقسم أغذية الفضاء إلى عدة أنواع رئيسية، بحسب طريقة التحضير والتخزين، وهي:

1. الأطعمة الطازجة

تعتبر الأطعمة الطازجة مثل الفواكه والخضروات، ترسل بكميات محدودة نظراً لقصر مدة صلاحيتها (لا تتجاوز يومين)، وتخزن في وحدات تبريد خاصة، ويجب تناولها سريعًا لتجنب تلفها.

2. الأطعمة ذات الرطوبة المتوسطة

تحتوي هذه الأطعمة على مستوى منخفض من الرطوبة، مما يمنع نمو الميكروبات ويحافظ على نكهتها وجودتها، وتحضر بتقنيات مثل التمليح أو التجفيف، وتتميز بمدة صلاحية أطول، وجودة نكهة جيدة دون الحاجة لتحضير إضافي.

3. الأطعمة المعالجة بالإشعاع

تمثل الأطعمة المعالجة بالإشعاع خيار حيوي لضمان سلامة التغذية في الفضاء، حيث إن أطعمة مثل اللحوم ومنتجات الألبان تتعرض لإشعاع مؤين قبل تعبئتها، وهو ما يساعد على قتل الميكروبات وزيادة مدة صلاحيتها، وهذه التقنية لا تقتصر فقط على تحسني الأمن الغذائي، بل تعمل أيضا على تقليل المخاطر المرتبطة بالتلوث الجرثومي الذي يمكن أن يحدث في بيئة الفضاء المعقمة.

4. الأطعمة في شكلها الطبيعي والجاهزة للأكل

تشمل الأطعمة الجاهزة للأكل مثل المكسرات، البسكويت والشوكولاتة التي لا تتطلب أي تحضر أو إعادة ترطيب، ويتم تعبئة هذه الأطعمة بشكل يحافظ على جودتها ويسهل تناولها مباشرة، وتوفر هذه الأطعمة راحة لرواد الفضاء الذين يحتاجون إلى خيارات سريعة وسهلة وسط تحديات السفر في الفضاء.

5. الأطعمة المعقمة حراريًا

تُعالج العديد من الأطعمة الفضائية بالحرارة للقضاء على الميكروبات والبكتيريا، لحفظها لفترات طويلة وتُحفظ في عبوات محكمة دون الحاجة للتبريد.

6. اللحوم المشععة

تُعقّم اللحوم المشععة بأشعة مؤينة، مثل أشعة جاما أو حزم الإلكترونات لضمان سلامتها في بيئة الفضاء، ويمكن تخزينها لفترات طويلة في درجة حرارة الغرفة دون تبريد.

7. الأطعمة القابلة لإعادة الترطيب

هى أطعمة تُؤكل بعد إضافة الماء البارد أو الساخن حيث تُصنع هذه الأطعمة باستخدام تقنيات مثل التجفيف بالتجميد والتجفيف بالرش.

بالإضافة إلى أطعمة مثل الأرز والمعكرونة، والمشروبات المجففة مثل الشاي الأخضر والمشروبات الغازية، والأطعمة القابلة لإعادة الترطيب حبوب الإفطار، وكوكتيلات الروبيان، والقهوة.

7. المشروبات والأطعمة المجففة

تعد المشروبات والأطعمة المجففة من الأطعمة التي يمكن استخدامها في الفضاء، لأنها أقل عرضة للتلف، تُجفف وتحضّر بإضافة الماء وقت الحاجة.

حجم سوق أغذية الفضاء

شهدت صناعة أغذية الفضاء نموًا متسارعًا في ظل التوسع في المهمات الفضائية والسياحة الفضائية.

وقد بلغ حجم السوق العالمي لأغذية الفضاء نحو 513 مليون دولار في 2023، و576 مليون دولار في 2024، و647 مليون دولار في 2025.

وبلغت نسبة معدل النمو السنوي المركب (2023–2025) نحو 8.04%.

ويُعزى هذا النمو إلى ارتفاع عدد المهام طويلة الأمد إلى القمر والمريخ، وزيادة ميزانيات وكالات الفضاء في الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، الصين، وروسيا، والهند، بالإضافة إلى دخول القطاع الخاص بقوة مما حفز الطلب على حلول غذائية مصممة خصيصا للرحلات السياحية الفضائية طويلة الأمد.

النمو المستقبلي والحجم المتوقع لسوق أغذية الفضاء حتى 2032

من المتوقع أن تصل قيمة السوق إلى 1.457 مليار دولار بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 10.46% (2026–2032)، وهو مدعوم بالدول الذي تلعبه السياحة الفضائية في تنشيط هذا السوق إلى جانب دخول شركات خاصة مثل SpaceX وBlue Origin.، وهو ما خلق طلب جديد على وجبات الفضاء المتنوعة والمريحة.

السوق الأمريكية: ستستحوذ على 47% بحلول 2028، بفضل برامج الفضاء النشطة بقيادة NASA والاستثمارات الكبرى في القطاع الفضائي وتليها أوروبا.

الصين: تمثل 19% من السوق العالمية بقيمة 140 مليون دولار.

سوق الأغذية الفضائية الأوروبية: تبرز ألمانيا كمساهم رئيسي بنسبة نمو تصل إلى 3.5%.

اليابان وكوريا الجنوبية: نمو متوقع بمعدلات نمو 3.4% و3.1% على التوالي.

غذاء الفضاء.. صناعة تتجاوز حدود الكوكب

لم تعد أغذية الفضاء مجرد وسيلة لإطعام الرواد، بل أصبحت قطاعًا صناعيًا وتقنيًا متطورًا يجمع بين علوم الأغذية والابتكار الصناعي وتقنيات الفضاء، والاقتصاد الفضائي، وهناك توجه متزايد نحو تطوير أغذية الفضاء للوصول لأغذية معتمدة على مصادر مستدامة مثل: انتاج الغذاء في الفضاء عبر الزراعة على متن المركبات او المحطات.

ومع دخول السياحة الفضائية مرحلة أكثر نضجًا، من المتوقع أن تتحول هذه الصناعة إلى ميدان حيوي لتجارب غذائية مبتكرة وصديقة للبيئة، مما يمهد لمستقبل يعيش فيه الإنسان خارج الأرض.

Short Url

أخبار متعلقة