الجمعة، 16 مايو 2025

09:45 م

صفقة تجارية تاريخية، واشنطن وبكين تكشفان عن آلية تحول الاقتصاد العالمي

الجمعة، 16 مايو 2025 02:13 م

ترامب والرئيس الصيني شي جين

ترامب والرئيس الصيني شي جين

محمد كمال

أعلنت الولايات المتحدة والصين مؤخرًا عن تخفيف كبير للرسوم الجمركية، حيث اتفق البلدان على خفضها لمدة 90 يومًا. 

وقد أشادت الصحافة المالية بهذه الخطوة، وارتفعت الأسهم، وأعلنت عناوين الصحف عن ارتياح في حرب تجارية طالت وأثرت بشدة على الأسواق العالمية، ولكن بينما ركز معظم الناس على التأثير الفوري لخفض الرسوم الجمركية، مر التطور الأكثر أهمية دون أن يُلاحظه أحد إلى حد كبير، وفق فوكس نيوز. 

اتفقت واشنطن وبكين بهدوء على إنشاء "آلية رسمية للتشاور التجاري"، وهي منصة ثنائية دائمة لإجراء محادثات منظمة حول سياسات العملة، والوصول إلى الأسواق، والحواجز غير الجمركية، رغم طابعها البيروقراطي، قد تكون هذه الخطوة المؤسسية أهم تحول اقتصادي منذ سنوات.

ويقول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الاتفاق مع الصين سيفتح أسواقًا للشركات الأمريكية، حيث يعود ذلك إلى أن الأمر لا يقتصر على لوجستيات التجارة فحسب، بل يتعلق أيضًا بأساس النظام الاقتصادي العالمي. 

ليس مجرد صفقات تجارية 

 اختلال التوازن بين الولايات المتحدة والصين ليس مجرد مسألة صفقات تجارية سيئة أو استهلاك أمريكي مفرط، بل هو مشكلة هيكلية متأصلة في الإطار النقدي الدولي، ولأول مرة منذ جيل، يبدو أن كلا البلدين مستعدان لمناقشة هذا الأمر بجدية.

Trump Tariffs Will Not Tame China's Trade Surplus | Council on Foreign  Relations

الاختلال الأعمق هو ما شرحه ستيفن ميران - الذي يشغل حاليًا منصب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس ترامب - بتفصيل بالغ في تقرير من 41 صفحة نُشر في نوفمبر 2024. 

ويشرح التقرير، بعنوان "دليل المستخدم لإعادة هيكلة النظام التجاري العالمي"، كيف أن النموذج الحالي القائم على الدولار يُقيد الولايات المتحدة في عجز تجاري مستمر، بينما يشجع الاقتصادات ذات الفائض، مثل الصين، على قلة الاستهلاك والإفراط في الإنتاج. 

ويُعاد تدوير هذه المدخرات الفائضة في الأصول المالية الأمريكية، وخاصة سندات الخزانة، مما يدعم الدولار ويُضعف التصنيع الأمريكي.

وحسب فوكس نيوز، فإن النتيجة هي نظام اقتصادي غير متوازن، حيث تتصرف الولايات المتحدة كمستهلك الملاذ الأخير والمدين العالمي الأكبر، بينما تُغرق دول مثل الصين العالم بالسلع لكنها تواجه ركودًا محليًا مزمنًا.

عالم تريفين

ويُطلق ميران على هذا الوضع اسم "عالم تريفين"، مُشيرًا إلى معضلة الاقتصادي روبرت تريفين الشهيرة: عندما تكون العملة الوطنية احتياطيًا عالميًا أيضًا، يُصبح من المستحيل في النهاية موازنة الالتزامات المحلية والدولية. ولتلبية الطلب العالمي على الأصول الآمنة، يتعين على الولايات المتحدة تسجيل عجز، مما يُضعف اقتصادها، في الوقت نفسه، تتجنب الدول ذات الفائض إجراء الإصلاحات الضرورية محليًا لأن النظام يُكافئ نماذجها المعتمدة على التصدير بكثافة.

نظريًا، تُعتبر الرسوم الجمركية وسيلةً لمقاومة هذا الخلل، لكنها فجة وغالبًا ما تأتي بنتائج عكسية، ما يقترحه ميران هو إعادة معايرة هيكلية - إعادة مواءمة قيم العملات لتعكس الظروف الاقتصادية الكامنة، والحد من تراكم الاحتياطيات المفرط، وتشجيع تدفقات رأسمالية أكثر توازناً.

وتُظهر أزمة العقارات في الصين وتباطؤ النمو حدود نموذج التصدير الذي تتبعه، في غضون ذلك، تواجه الولايات المتحدة عجزًا متزايدًا، واستقطابًا سياسيًا، وتراجعًا صناعيًا، لم يعد بإمكان أياً من الجانبين تجاهل العيوب النظامية.

ولهذا السبب تكتسب اللجنة الجديدة أهمية. فلأول مرة، تُشير واشنطن وبكين إلى استعدادهما لتجاوز الإجراءات التكتيكية والانخراط في حوار هيكلي، قد لا يتصدر هذا الأمر عناوين الصحف، ولكنه يُمثل نقطة تحول رئيسية لمن يُتابعه.

Short Url

showcase
showcase
search