ثورة كهربائية على عجلات أوروبية تُعيد تشكيل قطاع النقل الثقيل
الخميس، 15 مايو 2025 12:02 ص

الشاحنات الكهربائية
تحليل/ كريم قنديل
في مشهد اقتصادي يشبه الانعطافة الكبرى، تدخل الشاحنات الكهربائية بقوة إلى طرقات أوروبا، مدفوعة بمزيج من التكنولوجيا المتقدمة، التشريعات البيئية الصارمة، والتحولات الجذرية في استراتيجيات الشركات اللوجستية الكبرى.

قيمة سوق الشاحنات الكهربائية
فبحلول عام 2025، من المتوقع أن تبلغ قيمة سوق الشاحنات الكهربائية في أوروبا 1.76 مليار دولار، على أن تتجاوز 16.8 مليار دولار بحلول 2030، بمعدل نمو سنوي مذهل يصل إلى 57.13%.
هذا النمو الصاروخي لم يأت من فراغ، بل نتيجة تحولات مُركبة تقودها الشراكات الصناعية الطموحة، مثل التحالف الاستراتيجي بين هيونداي وإيفيكو في فبراير 2024 لتطوير شاحنات كهربائية تعمل بالبطاريات وخلايا الوقود، ولأن الشاحنات تشكل أقل من 2% من المركبات على الطرق، لكنها مسؤولة عن 22% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من النقل البري، فإن التحول الكهربائي هنا لا يُعد ترفًا، بل ضرورة ملحة.
البنية التحتية تحت المجهر
تحول البنية التحتية يشكل العمود الفقري لهذا النمو، وتحديدًا في مجال الشحن الكهربائي الثقيل، في مارس 2024، استحوذت شركة bp pulse على محطة آشفورد الدولية للشاحنات في كينت، وهي إحدى أكبر المحطات في أوروبا، في خطوة تعتبر محورية نحو إنشاء شبكة شحن أوروبية واسعة النطاق.
وتقع هذه المحطة على بعد خطوات من ميناء دوفر الحيوي، الذي تمر من خلاله 3.5 مليون شاحنة سنويًا، ما يعكس الأهمية الجيو اقتصادية لهذا الاستثمار.
اقرأ أيضًا:
أزمة بروتوكول الشحن تهدد ملاك السيارات الكهربائية الصينية في مصر
أزمة شحن السيارات الكهربائية الصينية تتصاعد ومحامي المتضررين يطالب بتدخل رئاسي
أما على صعيد الابتكار، فقد دخلت أمازون على الخط من خلال إطلاق أداة مفتوحة المصدر باسم CHALET، مصممة لتحديد أفضل مواقع محطات الشحن، ما يُعد دعمًا غير مباشر للبنية التحتية الحيوية التي تسهل حركة الشاحنات الكهربائية.

الشركات الكبرى تقود القاطرة
لا يكتمل المشهد من دون الإشارة إلى التزام الشركات اللوجستية، ففي مارس 2024، وقعت شركة دي إف دي إس اتفاقية مع فولفو تراكز لشراء 100 شاحنة كهربائية إضافية، لترتفع أسطولها الكهربائي إلى 225 شاحنة، ما يجعلها الأكبر في أوروبا في هذا المجال.
وبالتوازي، كشفت Kempower عن محطة شحن بقدرة 1.2 ميجاواط، قادرة على شحن شاحنة ثقيلة خلال نصف ساعة، مما يعزز قدرة الأساطيل على العمل دون تعطيل.
الحوافز المالية تنير الطريق
الحكومات الأوروبية بدورها دخلت على خط المعادلة بدعم سخي، ففي فرنسا، تغطي الدولة ما يصل إلى 40% من تكلفة التحويل إلى الشاحنات الكهربائية، بينما يحصل المشترون على قروض بدون فائدة.
أما في هولندا، فالحوافز تصل إلى 60% للشركات الصغيرة، ما يحول القرار من حساب مالي معقد إلى خطوة مدروسة ذات جدوى اقتصادية.
اقرأ أيضًا:
السيارات الكهربائية تشعل سباق المعادن، النحاس في الصدارة والتدوير لا يكفي
شركة "نيكولا موتور" الأمريكية لصناعة الشاحنات الكهربائية تعلن إفلاسها
التنظيمات أيضًا تعزز الحوافز، من تخفيضات بنسبة 50% على رسوم الطرق للشاحنات عديمة الانبعاثات، إلى فرض رسوم تلوث إلزامية بحلول 2026، وفرض رسوم متغيرة حسب الانبعاثات منذ 2024، وهو ما يخلق بيئة ضغط على الشركات لتبني التكنولوجيا النظيفة.
الهايبرد يهيمن.. الحاضر يمهد للمستقبل
في خضم هذا التغيير، تبرز الشاحنات الهجينة القابلة للشحن كحل وسيط يجمع بين مرونة الوقود التقليدي ونظافة الكهرباء، حيث تستحوذ على نحو 80% من السوق في عام 2024.
ويبدو أن الشركات مثل فولفو، دايملر وسكانيا، تراهن عليها كخيار واقعي لحين اكتمال البنية التحتية اللازمة للشاحنات الكهربائية بالكامل.
أوروبا تقود الثورة والاقتصاد يستجيب
في النهاية، تبدو أوروبا وكأنها تُعيد رسم ملامح قطاع النقل الثقيل، مزيج من الابتكار الصناعي، الدعم الحكومي، وضغط السياسات المناخية يرسم معالم سوق جديد قد يُصبح نموذجًا عالميًا يُحتذى به، الشاحنات الكهربائية لم تعد خيارًا بعيدًا، بل واقعًا يتسارع نحو المستقبل.
Short Url
كيف يمكن أن تؤثر وحدات التغويز العائمة على الاقتصاد المصري؟
14 مايو 2025 02:18 م
دخل ثابت واستثمار مضمون، دراسة جدوي مفصلة لبدء مشروع الألوميتال
14 مايو 2025 09:57 ص
ريادة الأعمال تنتعش في الشرق الأوسط، السعودية تقود وتمويل قياسي في أبريل
13 مايو 2025 07:07 م


أكثر الكلمات انتشاراً