السفر كما لم نعرفه من قبل، اتجاهات سوق السياحة حتى عام 2030

الأربعاء، 14 مايو 2025 11:20 م

اتجاهات سوق السياحة والسفر حتى 2023

شهيرة أحمد

في ظل عالم يشهد تقلبات متسارعة وتحولات جذرية، تقف صناعة السياحة والسفر عند مفترق طرق حاسم، مزيج من العوامل الكبرى، من تغيرات جيوسياسية، وأزمة المناخ، وتطورات تكنولوجية متلاحقة، إلى تبدل في القيم والسلوكيات المجتمعية، يعيد تشكيل ملامح واتجاهات هذا السوق، ليس فقط في كيفية تنقل البشر، بل في جوهر التجربة السياحية ذاتها.

مستقبل السياحة والسفر حتى عام 2030

في هذا السياق، أصدرت شركة كيرني Kearney، الأمريكية المتخصصة في الاستشارات الإدارية، بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي، ورقة بحثية بعنوان "4 سيناريوهات لمستقبل السياحة والسفر حتى عام 2030"، بهدف تقديم تصور استشرافي يساعد المعنيين في الاستعداد لمستقبل محفوف بالتحديات وعدم اليقين.

4 سيناريوهات محتملة لمستقبل السياحة والسفر حتى عام 2030

ترسم الورقة البحثية الحديثة التي أعدتها شركة Kearney ، 4 اتجاهات مستقبلية مميزة ورئيسية عام 2030، لكل منها معالمه الخاصة وتحدياته وفرصه الفريدة، وهم:

1. عالم آلاف الجزر المنعزلة A thousand islands world

في هذا السيناريو، تدفع التوترات الجيوسياسية والركود الاقتصادي إلى انعزال الدول والاكتفاء بذاتها، مع تقليص مستويات التعاون الدولي، وتصبح القيود على التنقل أكثر صرامة، وترتفع تكلفة السفر الجوي، ما يؤدي إلى تراجع السياحة الدولية والتوجه وانتعاش السياحة المحلية، إلا أن ذلك يسبب ازدحامًا واختناقًا سياحيًا في بعض الوجهات الداخلية، مقابل تراجع حاد في السفر الدولي.

2. آفاق متناغمة Harmonious horizons

يمثل هذا السيناريو نظرة متفائلة، حيث يسود ويعزز الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي، ما يشجع على التكامل والتبادل الثقافي والانفتاح العالمي. تزدهر حركة السياحة، وتصبح متاحة لفئات واسعة، لكن هذا النمو السريع قد يثقل كاهل المواقع السياحية والبيئة ما لم تكن الاستدامة محورًا أساسيًا في خطط وجوهر التطوير.

3. صعود السفر والسياحة الأخضر والمستدام Green ascent

تدفع المخاوف البيئية في مسار صعود السفر المستدام نحو تحول جذري في قطاع السياحة، قائم على الاستدامة والابتكار الأخضر، وتتحرك السياسات والطلب الاستهلاكي نحو إزالة الكربون وتبني الممارسات الصديقة للبيئة.

ورغم إيجابية هذا التوجه، إلا أنه قد يُسفر عن فجوات في التمويل وتفاوت في فرص الوصول إذا لم تُعالج من خلال منظومات دعم شاملة.

4. اضطرابات في قطاع السياحة بسبب التكنولوجيا Tech turbulence

في هذا السيناريو، تقود الطفرات التكنولوجيا مستقبل السفر عبر الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والأتمتة، وتتحول التجربة السياحية إلى رحلة فائقة التخصيص، أكثر كفاءة وغنى.

وبالرغم من ذلك، تبرز تحديات تتعلق بفقدان الوظائف، وهيمنة التكنولوجيا، وتزايد الفجوة الرقمية، بالإضافة إلى الأثر البيئي المتنامي للبنية التحتية الرقمية.

مستقبل غامض.. عوامل مؤثرة ومغيرة عبر جميع السيناريوهات

رغم تباين الاتجاهات الأربعة، تشير الورقة البحثية إلى 3 قضايا مركزية ستؤثر في مستقبل قطاع السياحة وسيعاد تشكيله، أيا كانت الظروف، وهم:

تغيرات سوق العمل: قد تتأثر الوظائف بشكل سلبًا بفعل الاعتماد على التكنولوجيا أو تنمو في مجالات جديدة خضراء وتقنية.

الاستدامة البيئية: بعض السيناريوهات قد تخفض الانبعاثات، في حين يُخشى من مخاطر ظاهرة "الغسل الأخضر".

التحولات التكنولوجية: التحول التكنولوجي مثل مثل الذكاء الاصطناعي والسياحة الافتراضية، رغم الفرص التي تتيحها التكنولوجيا في تحسين العمليات والخبرات، إلا أنها قد تزيد من التفاوتات وتطرح أسئلة أخلاقية واجتماعية.

دعوة للتحرك الفوري

تدعو كيرني والمنتدى الاقتصادي العالمي كافة الأطراف الفاعلة والمعنية إلى عدم انتظار ما سيحدث، بل اتخاذ خطوات استباقية تبدأ من الآن، عن طريق وضع سياسات مرنة وقابلة للتكيف وتأهيل وتدريب القوى العاملة لمواكبة المستقبل، بالإضافة إلى استثمار في بنية تحتية مستدامة، وتوظيف مسؤول للتكنولوجيا.

ويشدد التقرير على أهمية مواءمة الخطط مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والاستفادة من أدوات مثل مؤشر تطوير السفر والسياحة الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

بينما لا يمكن التنبؤ بدقة بما يحمله المستقبل، فإن رسم مسارات محتملة وتهيئة البنية المؤسسية والفكرية لمواجهته، يبقى هو الرهان الحقيقي لبناء صناعة سفر وسياحة تتحمل الصدمات وتستجيب بفعالية لعالم دائم التغير.

التغييرات العالمية وصناعة السفر والسياحة

في ظل تسارع التغيرات العالمية، لم تعد صناعة السفر والسياحة مجرد نشاط ترفيهي، بل أصبحت مرآة تعكس التحولات الجيوسياسية، والتحديات البيئية، والابتكارات التكنولوجية المتسارعة، يبقى الاستعداد لما هو قادم لم يعد خيارًا، بل ضرورة.

ويعد بناء قطاع سياحي مرن قادر على التكيّف مع المتغيرات يتطلب قرارات جريئة اليوم، واستثمارًا حقيقيًا في البنية التحتية الخضراء، وتكنولوجيا مسؤولة، وقوى عاملة مدربة بشكل يتناسب مع هذه المتغيرات.

Short Url

أخبار متعلقة