التنصت صار بيزنس، كيف تبيعك شركات التكنولوجيا وشبكات الاتصالات للمعلنين؟

الثلاثاء، 13 مايو 2025 09:46 م

فيسبوك

تحليل/ كريم قنديل

هل سبق لك أن تحدثت مع صديق عن منتج ما، لتتفاجأ بعدها بإعلانات عنه تغرق صفحتك على فيسبوك؟ لا، لم يكن ذلك صدفة، وعلى الأغلب، لم يكن مجرد تخمين عبقري من خوارزميات ميتا، فالعالم الرقمي دخل مرحلة جديدة من التلصص، حيث باتت أفكارك، بل وحتى همساتك، سلعة تُباع وتشترى.

10 طرق سهلة لاستعادة حساب فيسبوك المخترق

الذكاء الاصطناعي يتنصت باسم التسويق

كشفت منصة 404Media عن تسريب عرض تقديمي صادم من شركة تسويق رقمي تُدعى CMG، وهي من شركاء منصة فيسبوك سابقًا، توضح فيه استخدام ما تسميه بتقنية الاستماع النشط Active Listening، هذه التقنية تعتمد على الميكروفونات في هواتفنا الذكية، أجهزة التلفاز، وحتى المساعدات المنزلية الذكية للتنصت على ما نقوله حرفيًا ثم استخدام هذه البيانات لتوجيه إعلانات شديدة التخصيص.

وبسعر يبدأ من 100 دولار في اليوم لمسافة استهداف 10 أميال، ترتفع التكلفة إلى 200 دولار إذا توسع النطاق إلى 20 ميلًا، وهذا السعر البسيط أمام كنز معلوماتي تقدمه CMG للمعلنين، يتضمن تحليلات آنية لما يفكر فيه المستهلكون... حتى قبل أن يكتبوه أو يبحثوا عنه.

تحذير عاجل من «جوجل»، تطبيقات ضارة على الأندرويد قد تسرق بياناتك

المستريح الإلكتروني.. اعترافات ضحايا تعرضوا للاحتيال من منصة FBC

أين شركات التكنولوجيا الكبرى من هذا التجسس؟

المثير أن العرض التقديمي المسرب أشار إلى أن فيسبوك، جوجل، وأمازون، جميعهم يستخدمون تقنيات الاستماع النشط، لكن هذه الشركات سارع بعضها إلى التبرؤ، فأمازون أنكرت أي تعاون مع CMG، وجوجل أوقفت شراكتها معها، بينما أعلنت ميتا أنها بصدد مراجعة تعاملاتها مع الشركة.

ومع ذلك، يتضح أن القانون لا يقف دومًا إلى جانب المستخدم، فشركة Cox Media Group، المالكة لـ CMG، أكدت أن استخدام هذه التقنيات قانوني، لأنها مشمولة في شروط الاستخدام الطويلة التي يوافق عليها المستخدمون غالبًا دون قراءتها.

دراسة: تضاعف خسائر الشركات من الهجمات السيبرانية 4 مرات - الاتحاد للأخبار — **بيع البيانات**

شركات الاتصالات، اللاعب الخفي في بيع خصوصيتك

لكن المفاجأة الأكبر، والتي تُغفل عمدًا في كثير من التحقيقات، هي الدور الخفي الذي تلعبه شركات الاتصالات، فهذه الشركات تمتلك القدرة على تتبع كل ما يمر عبر شبكاتها من بيانات التصفح إلى الموقع الجغرافي إلى التطبيقات المستخدمة، وتقوم ببيع هذه المعلومات لأطراف ثالثة، بما فيها شركات تسويق رقمي، دون علم المستخدم أو موافقته الصريحة.

في اقتصاد البيانات، لا تُشترى السلع، بل يُشترى أنت، بسلوكك، رغباتك، وحتى لحظات ضعفك أمام إعلان ذكي.

فيسبوك لا يحتاج إلى ميكروفونك

والحقيقة أن التجسس الصوتي قد لا يكون ضروريًا أصلاً، ففيسبوك يمتلك كنزًا من البيانات التي تمنحه قدرة تنبؤية مذهلة، منشوراتك، تفاعلاتك، عمليات البحث، موقعك الجغرافي، وحتى تواجدك في مركز تسوق، كل هذه إشارات كافية لتوجيه إعلانات دقيقة من دون الحاجة إلى التنصت الفعلي.

هل لا يزال لديك خصوصية؟

العالم اليوم يقف أمام سؤال وجودي في عصر الاقتصاد الرقمي، هل الخصوصية رفاهية؟ وهل يمكننا حقًا اختيار عدم بيع بياناتنا؟ ما نعلمه اليوم أن المعلنين لا ينتظرونك لتتحدث، فهم يقرأون خطواتك قبل أن تخطوها.

والأخطر أن البنية التحتية لهذه التجارة من شبكات الاتصالات إلى التطبيقات المجانية قائمة بالكامل على استغلال ما لا تعلم أنك قدمته.

Short Url

أخبار متعلقة