الإثنين، 12 مايو 2025

04:12 م

«من الخام إلى القيمة المضافة»، حرب اقتصادية تدور حول النحاس في الأسواق العالمية

الإثنين، 12 مايو 2025 02:27 م

صناعة النحاس

صناعة النحاس

تحليل/ ميرنا البكري

في ظل التحولات الكبيرة التي تحدث في العالم الآن نحو الاقتصاد الأخضر والرقمي، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء يواصل تسليط الضوء على التطورات المهمة فيهذا المجال. 

ومن أهم التطورات، التقرير الذي أصدرته منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" بعنوان "تحديث التجارة العالمية مايو 2025: التركيز على المعادن الاستراتيجية - النحاس في المستقبل الأخضر والرقمي". 

ويقول هذا التقرير إن أي نقص في إمدادات النحاس في العالم قد يكون تهديد كبير للانتقال للطاقة النظيفة والتكنولوجيا الرقمية، خصوصًا مع التوقعات بإن الطلب على النحاس سيزداد أكثر من 40% بحلول عام 2040.

اقرأ أيضًا: 

هل يتخطى النحاس الذهب في الإعوام القادمة معلومات الوزراء توضح

ما دلائل الارتفاع الكبير لأسعار النحاس في ظل الأداء المحبط للذهب؟

خمس دول تتحكم في مستقبل الطاقة والتكنولوجيا

أوضح التقرير أن النحاس يُعد مادة أولية استراتيجية تدخل في تصنيع السيارات الكهربائية والألواح الشمسية ومراكز البيانات والبنية التحتية الخاصة بالذكاء الاصطناعي؛ حيث تتركز أكثر من نصف الاحتياطيات العالمية من النحاس في خمس دول فقط، وهي تشيلي وأستراليا وبيرو وجمهورية الكونغو الديمقراطية وروسيا، مما يزيد من هشاشة سلاسل التوريد في ظل التوترات الجيوسياسية وتراجع جودة الخامات وطول الفترات المطلوبة لتطوير المناجم والتي قد تمتد إلى 25 عامًا.

 250 مليار دولار لسد الفجوة

كما أشار مركز المعلومات إلى أن تقرير الأونكتاد أوضح أن العجز المحتمل في إمدادات النحاس قد يعطل مسارات التحول الأخضر والرقمي، حيث يتطلب سد الفجوة العالمية، الاستثمار في 80 منجمًا جديدًا بقيمة تصل إلى 250 مليار دولار بحلول عام 2030، الأمر الذي يتطلب تسريع إجراءات التصاريح، وتبني تقنيات أكثر تطورًا، وتوسيع الشراكات التجارية، وتنويع مسارات التجارة لتأمين الإمدادات. 

كما يدعو التقرير إلى وضع سياسات تجارية وصناعية أكثر ذكاءً، تتيح للدول النامية التقدم في سلاسل القيمة المرتبطة بالنحاس.

 الفجوة الصناعية في الجنوب العالمي

وأكد التقرير أن معظم الدول النامية الغنية بالنحاس لا تزال عالقة في مرحلة تصدير المواد الخام دون التقدم نحو مراحل التكرير والتصنيع، وتشير البيانات إلى أن الصين وحدها تستورد 60% من خامات النحاس العالمية وتنتج أكثر من 45% من النحاس المكرر في العالم، بينما يظل كبار المصدرين محصورين في مرحلة التعدين.

وأوصى التقرير بأن تستثمر الدول النامية في البنية التحتية، وتطوير المهارات، وإنشاء مناطق صناعية، وتقديم حوافز ضريبية، وتبنّي سياسات تجارية تشجع التصنيع المحلي.

ثمن النحاس اليوم بالدولار - آراد برندینک
النحاس الخام

 التصعيد الجمركي يقتل القيمة المضافة

وجدير بالذكر أن الدول النامية تواجه أيضًا عوائق نتيجة ارتفاع الرسوم الجمركية على المنتجات المصنعة مثل الأسلاك والأنابيب لتصل إلى 8%، بينما تظل منخفضة على النحاس الخام، مما يثبط محاولات التصدير ذي القيمة المضافة. ويوضح التقرير أن هذه التصعيدات الجمركية تقوّض جهود التنمية الصناعية في الجنوب العالمي، ويجب العمل على تخفيفها من خلال إجراء مفاوضات تجارية عادلة.

وفي ظل بطء نمو الإنتاج الأولي، تظهر إعادة تدوير النحاس كمصدر بديل بالغ الأهمية لا سيما للدول النامية؛ إذ تمثل في الوقت الحالي 20% من إجمالي المعروض من النحاس المكرر عالميًا، وفي عام 2023، تم توفير 4.5 ملايين طن من مصادر ثانوية، وكانت الولايات المتحدة وألمانيا واليابان أبرز المصدرين للخردة، بينما تصدرت الصين وكندا وكوريا الجنوبية قائمة المستوردين.

أشار التقرير في ختامه إلى أن العالم قد دخل بالفعل عصر النحاس، إلا أن غياب التنسيق الفعّال في السياسات التجارية والاستثمارية قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط على الإمدادات، ويحرم الدول النامية من استغلال فرصتها الاستراتيجية.

النتائج

1. النحاس أصبح عنصر أساسي في المستقبل

نظرًا لأنه يدخل في كل صناعات المستقبل، سيارات كهربائية، طاقة شمسية، ذكاء اصطناعي، مراكز بيانات، أي عنصر لا يمكن الاستغناء عنه في الاقتصاد الأخضر والرقمي.

2. خمس دول ماسكين اللعبة

تشيلي، أستراليا، بيرو، الكونغو، وروسيا لديهم أكثر من نصف احتياطي النحاس في العالم،  مما يجعل سلاسل التوريد هشة للغاية، خصوصًا وقت الأزمات.

3. الدول النامية مازالت تقف مكانها

تمتلك الدول النامية نحاس كثير، لكن خام، أي دون إجراء أي تعديل أو قيمة مضافة. في المقابل، الصين تستورد 60% من النحاس الخام وتنتج 45% من النحاس المكرر في العالم.

4.الجمرك ضدك إذا كنت تريد إضافة قيمة

المنتجات المصنعة من النحاس (مثل السلوك والأنابيب) عليها جمارك عالية (توصل لـ 8%)، بينما الخام عليه جمارك قليلة، مما يقتل أي محاولة للتصنيع المحلي في الدول النامية.6+56+

5. الخردة أصبحت كنز

20% من النحاس المكرر ياتي من إعادة التدوير، وهو مصدر مهم للغاية، خصوصًا إن إنتاج المناجم الجديدة يأخذ وقت طويل.

اقرأ أيضًا: 

السيارات الكهربائية تشعل سباق المعادن، النحاس في الصدارة والتدوير لا يكفي

توقعات اقتصادية

1. الطلب على النحاس سيزيد أكثر من 40% حتى سنة 2040؛ نظرًا للتوسع في الطاقة النظيفة والتحول الرقمي.

2. عجز تجاري قادم في الطريق، ونحتاج حوالي 250 مليار دولار لفتح 80 منجم جديد قبل 2030.

3. الدول النامية تمتلك فرصة ذهبية، ولكن لابد أن تعمل على البنية التحتية، وتوفر التدريب اللازم للشباب وتدعم المناطق الصناعية، وتشجع التصنيع المحلي بكافة الطرق.

4.عدم وجود سياسات منسقة سيزود الضغط على المعروض، وسيضيع على الدول النامية فرص ضخمة.

Short Url

showcase
showcase
search