أوروبا ترفع مستوى استعداداتها الدفاعية في قمة لندن بالتوازي مع غياب أمريكا

تصاعدت المخاوف في أوروبا من احتمال تخلي الولايات المتحدة عن التزاماتها الدفاعية بعد مواجهة كلامية حادة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وفي استجابة لهذه المخاوف، عقد قادة خمسة عشر دولة حليفة لأوكرانيا قمة في لندن لبحث تعزيز الأمن الأوروبي.

الدعم البريطاني لأوكرانيا

استقبل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الرئيس الأوكراني بحفاوة، وسط هتافات العشرات الذين احتشدوا أمام مقر الحكومة البريطانية في داونينغ ستريت.

وأكد ستارمر التزام المملكة المتحدة الثابت بدعم أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، وأبرمت لندن وكييف اتفاقية قرض بقيمة 2.26 مليار جنيه إسترليني (نحو 2.74 مليار يورو) لتعزيز القدرات الدفاعية الأوكرانية، على أن يُسدَّد هذا المبلغ من أرباح الأصول الروسية المجمدة.

استخدام التمويل في تعزيز القدرات الدفاعية

أعلن زيلينسكي عبر منصة "تليجرام" عزمه استخدام هذه الأموال لإنتاج أسلحة محليًا، معربًا عن امتنانه لشعب المملكة المتحدة وحكومتها، والتقى الملك تشارلز الثالث في وقت لاحق، قبل أن يشارك في القمة الأمنية.

مشاركة القادة الأوروبيين في القمة

شارك في هذه القمة عدد من القادة الأوروبيين البارزين، من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، فضلًا عن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا.

وتأتي هذه القمة تمهيدًا لاجتماع أوروبي استثنائي حول أوكرانيا من المقرر عقده في السادس من مارس في بروكسل.

الأمن الأوروبي والضغط على روسيا

ركزت المناقشات في لندن على تعزيز موقف أوكرانيا العسكري، وضمان استمرار الدعم العسكري، وزيادة الضغوط الاقتصادية على روسيا.

وناقش المشاركون ضرورة اضطلاع أوروبا بدور أكثر فعالية في مجال الدفاع، إضافة إلى وضع خطوات استراتيجية لضمانات أمنية قوية للقارة، تحسبًا لاحتمال انسحاب الولايات المتحدة من مظلتها العسكرية والنووية.

مخاوف التقارب بين ترامب وبوتين

شعرت أوكرانيا وأوروبا بقلق متزايد إزاء التقارب بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، كما وسعَت موسكو وواشنطن، دون مشاركة أوكرانيا أو الحلفاء الأوروبيين، إلى إطلاق مفاوضات تهدف إلى إنهاء الحرب، في خطوة أثارت حفيظة القادة الأوروبيين.

وتفاقمت المخاوف بعد المواجهة الكلامية الحادة التي شهدها المكتب البيضاوي، حيث هدد ترامب نظيره الأوكراني بالتخلي عن كييف إذا لم يقدم تنازلات تساهم في تسوية النزاع مع موسكو.

ردود الفعل الأوروبية

أدانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك هذه التطورات، مؤكدة أن العالم يشهد "حقبة جديدة من العار"، ما يستدعي الدفاع بحزم عن النظام الدولي القائم على القواعد وسيادة القانون في وجه منطق القوة.

وطالبت بيربوك بتخفيف القيود المالية على المستويين المحلي والأوروبي لضمان توفير موارد إضافية لتعزيز الدفاع الأوروبي ودعم أوكرانيا.

الدعوات لتعزيز الدفاع الأوروبي

أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن الحاجة باتت ملحة لزعيم جديد يقود العالم الحر، داعية أوروبا إلى تحمل مسؤولياتها في هذه المرحلة الحاسمة.

وفي السياق ذاته، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن أمله في إحراز تقدم سريع في إنشاء آلية تمويل مشترك بمئات المليارات من اليورو، تهدف إلى بناء منظومة دفاعية أوروبية قوية.

ختامًا: اختُتمت القمة بالتشديد على ضرورة استمرار التعاون الوثيق بين الدول الحليفة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

واتفق القادة على أن ضمان استمرار الدعم لأوكرانيا يمثل عنصرًا جوهريًا في الحفاظ على توازن القوى العالمي، ومنع أي اختلالات قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد العسكري في المنطقة.